للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} فالواو التي قبل: "فُتحت" زائدة عندهم١. ومثل قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أي: تَلَّهُ للجبين٢.

والبصريون يؤولون الآيتين وشبههما بتأويلات منها: أن الواو عاطفة أصلية وجواب "إذا" و"لما" محذوف.... لكن التأويل عسير في قول الشاعر:

ولقد رمقْتك في المجالِسِ كلها ... فإذا وأَنت تعينُ من يبغيني

والمراد: فإذا أنت. وقول الآخر:

فما بالُ من أَسعى لِأَجْبُرَ عظمهُ ... حِفَاظًا، وينْوي من سفاهته كسْرى

أي: ينوي من سفاهته.

وإنما كان التأويل هنا عسيرًا لأن ما بعد إذا "الفجائية" لايقترن بالواو. ولأن جملة "ينوي" على تأويلها بأنها حالية هي جملة مضارعية مثبتة، وصاحب الحال هو "مَنْ" والجملة المضارعية المثبتة لا تقع حالًا مقترنة بالواو إلا على تقديرها خبرًا لمبتدأ محذوف والجملة في المبتدأ المحذوف وخبره هي الحال ... فهي محتاجة للتأويل والحذف. ولا داعي لهذا أو لغيره من التأويلات. فمذهب الكوفيين أوضح وأقل تعسفًا، والأخذ به هنا أيسر٣، لكن الأفضل التخفّف من الزائدة قدر الاستطاعة، والبعد عن استعمالها؛ فرارًا من اللبس، ومن التأويل بغير داع.

ح- هل "الواو" الواقعة بعد "بل" نوع من الزائدة؟ مثل: الصالح أمين،


١ مستدلين بالآية الأخرى الخالية من الواو –وكلتاهما في سورة: "الزمر"، ونصها: { ... وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ... } .
٢ بمعنى صرعه وألقاه على الأرض حتى لمسها جبينه. والقصة عن إبراهيم حين أراد أن يحقق رؤيا منامية؛ مضمونها أنه يذبح ابنه. ففهم منها أن هذا إيحاء من الله يجب تنفيذه؛ فهمَّ به، ورضي الولد بقضاء الله. ولكن الله أوحى إلى نبيه تركه، والتضحية بدله بشيء آخر.
٣ علمًا بأن اللفظ الزائد "حرفًا أو غير حرف" إنما يزاد لغرض مقصود –طبقًا لما شرحناه في ج١ م٥– الزيادة والتفصيل –عند الكلام على الحرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>