للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعطوف. وتقدير المدة الزمنية الطويلة متروك للعُرف الشائع –كما رددنا١؛ فهو وحده الذي يحكم عليها بالطول أو القِصر، ولا يمكن وضع ضابط آخر يحددها؛ لأن ما يعتبر طويلًا في حادثة معينة قد يكون قصيرًا في غيرها؛ فمَردّ الأمر للعُرف. ومن الأمثلة: زرعت القطن، ثم جنيته ... دخل الطالب الجامعة ثم تخرّج ناجحًا–كان الشاب طفلًا ثم صبيًا، ثم غلامًا؛ ثم شابًا فتيًّا.

ومن أحكامها:

أنها تعطفت المفردات والجمل، كما في الأمثلة السالفة٢ ... وقد تدخل عليها تاء التأنيث٣ لتفيذها التأنيث اللفظيّ؛ فتختص بعطف الجمل، نحو: مَنْ ظَفِر بحاجته ثُمَّتَ قَصَّر في رعايتها كان حزنه طويلًا، وغُصَّتُهُ شديدة.

ومنها: -وهذا قليل جائز– أنها قد تكون بمعنى واو العطف، فتفيد مطلق الجمع والاشتراك من غير دلالة على ترتيب، بشرط وجود قرينة؛ نحو: لما انقضى الليل، واستنار الكون، ثم طلعت الشمس، واقترب ظهور الفجر سارع الناس إلى أعمالهم٤..


١ في ص٥٧٤.
٢ اقتصر ابن مالك في الكلام على "الفاء"، وثم على ما يأتي:
و"الفَاءُ" للترْتِيبِ بِاتِّصَالِ ... وَ "ثُمَّ" لِلتَّرتيبِ بانْفِصَالِ
"اتصال": أي: بغير مهلة زمنية. "بانفصال": بمهلة زمنية، "والمهلة هي ما يعبرون عنها بالتراخي. وعدم المهلة هو التعقيب" –وقد أوضحناهما في ص٥٧٣ و٥٧٤– ثم قال في الفاء:
واخْصُصْ بفَاءٍ عَطفَ ما لَيْسَ صِلَهْ ... عَلَى الَّذِي اسْتَقَرّ أَنَّهُ الصِّلَهْ
يريد: تختص الفاء بأنها تعطف جملة لا تصلح أن تكون صلة؛ لخلوها من الرابط على جملة أخرى تصلح صلة لاشتمالها على الرابط، ولهذا الحكم أشباه وتفصيلات شرحناها "في ص٥٧٥" وسيذكر في آخر الباب ص٦٣٦ اختصاص آخَر لها أشرنا إليه من قبل "في رقم ٣ من هامش ص٥٦١" هو أنها –كالواو– يجوز حذفها مع معطوفها.
٣ وهذه التاء الداخلة على الحروف يجوز تسكينها أو تحريكها بالفتحة. أما كتابتهما فمفتوحة "غير مربوطة".
٤ ومن هذا قول ابن مالك في أول باب من ألفيته:
كلامُنا لفظٌ مفيدٌ؛ كاستقمْ ... واسمٌ، وفعلٌ، ثم حرفٌ، الكَلِمْ
قال الأشموني ما نصه:
"ثم" في قوله: "ثم حرف....، بمعنى الواو؛ إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام. ويكفي في الإشعار بانحطاط درجة الحرف عن قسميه ترتيب الناظم لها في الذكر على حسب ترتيبها فيا لشرف، ووقوعه طرفًا. ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>