للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هو: أنها شاءٌ١، وأراد أن يستوثق من رأيه الجديد، فقال: "إنها لإبل أم شاء"؟ يريد: أنها لإبل، بل أهي شاء؟ والهمزة داخلة على مبتدأ محذوف؛ لأن "أم" المنقطعة لا تدخل –في الغالب– إلا على جملة –كما أسلفنا٢-.

وقد تفيد مع الإضراب استفهامًا إنكاريًا٣ بغير أن تسبقها أداة استفهام؛ كقوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} ، أي: بل أنه البنات ولكم البنون؟ لأنها لو كانت للإضراب المحض الذي لا يتضمن الاستفهام الإنكاري لكان المعنى محالًا، إذ يترتب عليه الإخبار بنسبة البنات إلى المولى جل شأنه.

وقد تتجرد للإضراب المحض الذي لا يتضمن استفهامًا مطلقًا؛ لا حقيقيًا ولا إنكاريًا؛ كالأمثلة الأولى٤ التي منها قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} ، أي: بل هل تستوي الظلمات؛ ولا يصح أن يكون التقدير: بل أهل تستوي الظلمات؛ لأن أداة الاستفهام لا تدخل على أداة استفهام –كما أسلفنا٥-.

ومثل الآية في الإضراب المحض قول الشاعر:

فليتَ سُليمَى في المَمَات ضجيعتي ... هنالك أم جنة٦ أم جهنمِ


١ جمع شاه، وهي الواحدة من الغنم، تقال المذكر والمؤنث. ويرى بعض النحاة: أن كلمة: "شاء" جمع لا واحد له من لفظه. ولا داعي للعدول عن الرأي الأول.
٢ في ص٥٩٧.
٣ الاستفهام الإنكاري ويسمى: "الإبطالي" هو: ما كان مضمونه غير واقع، ولا يمكن أن يحصل، ومدعيه كاذب، وهو بمعنى النفي، فأداته بمنزلة أداة للنفي، والكلام الذي دخلت عليه نفي، كقوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} –وقد سبقت الإشارة إليه في ج٢ ص٢٣٤ م٨١.
٤ وبعضها في صفحتي ٥٩٨و ٥٩٩.
٥ في رقم ١ من هامش ص٥٩٨.... ومثل هذا يقال في بيت قُتَيْلة بنت النضر ترثي أباها المقتول:
فَلْيَسْمَعنّ النضرُ إنْ ناديته ... أَمْ كيف يسمع مَيّت لا يَنطقُ
٦ لما كانت "أم" المنقطعة غير عاطفة في الرأي الأرجح، وأنها حرف ابتداء للإضراب لا يدخل إلا على جملة، وجب إعراب "في جنة" متعلقة بمحذوف، والتقدير: ليتها ضجيعتي في جنة، ووجب لهذا أيضًا تقدير الحرف: "في" قبل "جهنم". هذا، وفي بعض الروايات: "وفي المنام" بدلًا "من الممات" التي هي أكثر مسايرة لمعنى لبيت وما في آخرة من جنة وجهنم.

<<  <  ج: ص:  >  >>