للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما زارني عمي، أو: ما زارني أخي". "ولا يخرجْ حامد، أو: لا يخرجْ إبراهيم". والمراد: بل ما زارني أخي بل لا يخرج إبراهيم. ونحو: "لا ترجئ عملك الناجز، أو: لا تهملْ عملك". ونحو: "ليس المنافق صاحبًا، أو: ليس مأمونًا على شيء" ... والمراد لا تهمل بل ليس مأمونًا ...

وإذا كانت "أو" للإضراب فالأحسن إتباع الرأي الذي يعتبرها حرفًا لمجرد الإضراب لا للعطف، فما بعدها جملة مستقلة عما قبلها. شأنها في هذا شأن "أم" المتجردة للإضراب وحده؛ فليست عاطفة –في الرأي الراجح، كما أسلفنا٢-.

ويرى فريق آخر نهما مع الإضراب يعربان حرفي عطف، فما بعدهما معطوف علة ما قبلهما.... والخلاف شكلي، ولكنّ الأول وضح وأنسب.

وقد يكون معنى الحرف: "أو" الدلالة على الاشتراك ومطلق الجمع٣ بين المتعاطفيْنِ؛ فكأنه الواو العاطفة في هذا، ويصح ن يحل محله الواو٤، كقول الشاعر:

وقالوا لنا: ثنتانِ لا بدَّ منهما ... صدورُ رِمَاحٍ أُشْرِعت٥، أو سلاسلُ٦

ونحو: جلس الضيف بين صاحب الدار أو ابنه. أي: جلس بين صاحب الدار وابنه: لأن كلمة: "بيْن" إذا أضيفت لاسم ظاهر اقتضت –في الغالب–


٢ في ص٥٩٩.
٣ سبق شرحه في ص٥٥٨. وانظر رقم ٣ من هامش الصفحة الآتية.
وإذا رحمْتَ فأَنت أمُّ أَو أَبٌ ... هذان في الدنيا هما الرَحماءُ
راجع: "الملاحظة" التي في رقم ٤ من هامش ص٦٠٥؛ لصلتها القوية بما نحن فيه..
٥ وجِّهت وصوِّبت نحو العدو، يقصد الطعن في صدور الأعداء.
٦ يريد السلاسل التي تقيد الأسرى. وهذا كناية عن هزيمة الأعداء، ووقوعهم في الأسر، وتقييدهم بهذه السلاسل.
ويرى المروزوقي "شارح ديوان الحماسة ج١ ص٤٦ من طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، بالقاهرة" أن: "أو" هنا للتخيير، وأن المراد من قول اشاعر في صدر البيت:
"لا بد منهما" أنه لا بد منهما على طريق التعاقب، لا على طريق الجمع بينهما. وهذا المعنى مقبول، ولكن الأول أقوى منه، وأنسب، إذ لا معنى للتخيير بين القتال والأسر، لأن الأسر نتيجة من نتائج القتال، وسبب عنه. هذا إلى أن صدر البيت يؤيد هذا في صراحة حيث يقول "لا بد منهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>