للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن المعطوف مفردًا لم يصح اعتبار "لا" عاطفة؛ وعندئذ يجب اعتبارها حرف نفي فقط، والجملة بعدها مستقلة في إعرابها، ليست معطوفة؛ نحو: تصبان الممالك بالجيوش والأعمال، لا تصان بالخطب والآمال.

ثانيها: أن يكون الكلام قبله موجبًا لا منفيًّا ويدخل في الموجبَ –هنا– الأمرُ والنداء؛ كقول بعضهم: "الملَقُ وَضاعة لا وداعة، وخِسِّةٌ لا كِيَاسة. فكُن أبيًّا لا ذليلًا، مَصُونًا لا مُتَبَذلًا. يا بن الغُرِّ البِهَاليلِ١ لا السَّفْلةِ٢ الأوغادِ٣: إن الكرامة في الإباء، والعزة في التَّصَونِ، ولا سعادةً بغير عِزة وكرامة ... ".

ثالثها: ألا يكون أحد المتعطفين داخلًا في مدلول الآخر، ومعدودًا من أفراده التي يصدق عليها لفظه "اسمه"؛ فلا يصح: مدحت رجلًا لا قائدًا؛ لأن الرجل "وهو المعطوف عليه" ينطبق على أفرد كثيرة تشمل المعطوف "وهو القائد" وتشمل غيره. ولا يصح أكلت تفاحًا لا فاكهة؛ لأن الفاكهة "وهي المعطوف" تشمل المعطوف عليه "وهو: التفاح" ويصدق اسمها عليه ... وهكذا. لكن يصح: مدحت رجلًا لا فتاة وأكلت الفاكهة لا خُبزًا؛ إذ لا يصدق أحد المتعاطفين على الآخر٤ ...


١ جمع: بهلول، وهو: السيد الجامع لكل خير.
٢ أراذل الناس وأسافلهم.
٣ جمع: وغد، وهو الرجل الدنيء الحقير.
٤ وقد أشار ابن مالك إلى حكم "لا" في جزء من بيت سبق في هامش ص٦١٧ يتضمن حكمها وحكم "لكن" هو:
وأَوْلِ "لَكنْ" نَفْيًا، أوْ نَهْيًا وَ"لاَ" ... نِدَاءً أَوْ أَمْرًا أَو اثْبَاتًا تَلاَ
وقد سبق شرح الجزء الخاص بالحرف: "لكن" أما الخاص بالحرف "لا" فتقديره كلامه. "لا" تلا نداء، أو أمرًا، أو إثباتًا: فكلمة: "لا" مبتدأ –ولا يصح أن يكون معطوفًا على: لكن، منعًا لفساد المعنى– خبره الجملة الفعلية المكونة من الفعل "تلا" وفاعله. يريد: أن حرف "لا" العاطف يتلو النداء، أو الأمر، أو الإثبات. ويجيء بعد واحد من هذه الأشياء، ولا يكون عاطفًا إلا إذا وقع بعد أحدها. وفي البيت قصور ونقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>