للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

السالفة منصوب أو مجزوم؛ فما الذي نصبه أو جزمه؟ فلولا أن العطف للفعل وحده لم يمكن نصبه أو جزمه ...

ومما هو جدير بالملاحظة أن الفرق اللفظي في عطف الفعل على الفعل، يترتب عليه فرق معنوي كبير من ناحية النفي والإثبات. فالفعل إذا كان هو "المعطوف" وحده فانه يتبع الفعل "المعطوف عليه" فيهما؛ كما يتبعه في الإعراب؛ طبقا لما سبق١ وهذه التبعية في النفي قد تفد المعنى المراد -أحيانا- لو جعلنا الكلام عطف جمل؛ فعطفنا كل فعل مع فاعله على الآخر مع فاعله، أي: أن المعنى قد يختلف كثيرا باختلاف نوعي العطف، أهو عطف فعل وحد، على آخر، أم جملة فعلية على مثيلتها الجملة الفعلية؟ يتضح هذا من المثال التالي: لم يحضر قطار ويسافر يوسف. بعطف "يسافر" على "يحضر" عطف فعل مفرد على نظيره المفرد، فيكون "يسافر" مجزوما. والمعنى نفي حضور القطار، ونفي سفر يوسف أيضا، فالحضور لم يتحقق، وكذلك السفر، فالأمران لم يتحققا قطعا.

أما إن كان الفعل: "يسافر" مرفوعا فيتعين أن يكون العطف عطف جملة فعلية على جملة فعلية؛ تحقيقا لنوع من الربط والاتصال بينهما. ويتعين أن يكون المعنى عدم حضور القطار. أما يوسف فسفره يحتمل أمرين باعتبارين مختلفين، فعند اعتبار الجملة الثانية مثبتة لم يتسرب إليها النفي من الأولى يكون يوسف قد سافر. وعند اعتبارها منفية لتسرب النفي إليها من الأولى يكون مقيما لم يسافر. والقرينة هي التي تعين سريان النفي من الأولى إلى الثانية، أو عدم سريانه٢.

ومن أمثلة فساد المعنى الذي يترتب على عطف الفعل وحده على الفعل وحده


١ في ص٦٤٢.
٢ ويصح أن تكون الواو للاستئناف؛ فالجملة بعدها مستقلة، لا علاقة لها بما قبلها في الإعراب ... ولا في النفي والإثبات. ويصح أن تكون الواو للحال والمضارع بعدها مرفوع عند من يجيز الربط بها وحدها -كما تقدم في باب الحال، ج٢- فالجملة في محل نصب، ولا يسري إليها النفي من الأولى. ولا يصح الالتجاء إلى أحد هذه الأوجه -أو غيرها- إلا إذا وافق المعنى، وساير السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>