للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابط لفظي يتوسط بالربط بينهما. ولهذا يقولون في تعريف البدل:

"إنه التابع١ المقصود وحده بالحكم المنصوب إلى تابعه، من غير أن تتوسط –في الأغلب٢- واسطة لفظية بين التابع والمتبوع".

ومن هذا التعريف يتضح الفرق بين البدل والتوابع الأخرى: فالنعت والتوكيد وعطف٣ البيان، ليست مقصودة بالحكم، وإنما هي مكملة له بوجه من الوجوه التي سبقت في أبوابها. وعطف النسق لا بد فيه من الواسطة، وهي أداة العطف. هذا إلى أن ما بعد هذه الأداة قد يكون مخالفا في الحكم لما قبلها فلا يكون مقصودا به، وقد يشاركه في الحكم ولكنه لا ينفرد به فلا يكون هو المقصود وحده٤ ...

والأغلب في "البدل" أن يكون جامدا، ومن القليل الجائز أن يكون مشتقا٥. فإذا أمكن إعراب المشتق شيئا آخر يصلح له، كان أولى٦.


١ سبق في أول باب النعت ص٤٣٤ بيان معنى التابع والمتبوع "والأحكام المهمة الخاصة بالتابع، ومنها؛ الفصل بينه وبين المتبوع إلا أن كان المتبوع أحد الموصولات؛ إذ لا يفصل بين الموصول وصلته بتابع مطلقًا -طبقًا للبيان الذي سبق في ج١ م٢٧ ص٣٤٨ باب الموصول-.
ومنها: عدم انتقال البناء من المتبوع إلى التابع مطلقا.
٢ يلاحظ أن عدم الواسطة اللفظية في البدل هو الأغلب، لأن البدل من المجرور يجوز أن يكون بواسطة إعادة العامل وهو حرف الجر الداخل على البدل منه، كالكلام الجارة في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} وقوله تعالى: {رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} .
فقد أعيدت اللام مع كلمتي: "من وأولنا" وهذه الإعادة في البدل أمر جائز، لا واجب، وهي مختصة بحروف الجر وحدها. وسيجيء لها بيان مناسب في ص٦٥٥.
٣ الموازنة بين البدل وعطف البيان مدونة في ص٥٤٦.
٤ ويتضح من التعريف السابق أيضا: أن الحرف وحده لا يقع بدلا؛ لأنه لا يصلح للحكم. فالبدل والمبدل منه إما اسمان معا، وإما فعلان معا، وإما اسم وفعل، وإما جملتان معا، وإما أحدهما جملة والآخر غير جملة ... كل ذلك لى حب البيان الذي سيجيء.
ويقول ابن مالك في تعريف البدل:
التابع المقصود بالحكم بلا ... واسطة هو المسمى. "بدلا"
٥ راجح الصبان ج٢ أول باب: الإضافة، عند الكلام على: "الإضافة غير المحضة".
٦ تصل بهذا ويوضحه ما سبق في: "ج" من ص٤٦٤ وما سيجيء في ج٤ م١٣٠ أحكام تابع المنادى، ووصف اسم الإشارة:

<<  <  ج: ص:  >  >>