للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعجب"، واتجه القصد إلى هذا المعنى دون باقي المعاني التي يشتمل عليها العامل إجمالا، والتي تنطبق على الوردة وتتصل بها، من غير أن يدخل واحد منها في ذات الوردة، وفي تكوينها المادي "الجسمي أي: من غير أن يكون واحد منها جزءا حقيقيا أساسيا لا توجد الوردة إلا به، فليست رائحة الوردة جزءا أصيلا في تكوينها المادي يتوقف عليه وجود الوردة، وليس لونها، أو تنسيق ورقها جزءا أساسيا كذلك، وإنما هي أمور عرضية طارئة على ذاتها المادية، قد تلازم الذات أولا تلازمها. وبقاء الذات أو فناؤها ليس متوقفا عليها؛ فمن الممكن أن توجد الوردة وأن تبقى من غير أن يكون لها رائحتها، أو لونها، أو تنسيق ورقها، أو غير هذا من المعاني والأوصاف الطارئة التي تندمج تحت لفظ العامل: "أعجب".

فالرافعة في الأسلوب السابق هي التي تسمى: "بدل اشتمال" و"المبدل منه" هو: "الوردة والعامل هو: "أعجب". ويقولون في بدل الاشتمال:

"إنه تابع يعين أمرا عرضيا. ووصفا طارئا من الأمور والأوصاف المتعددة التي تتصل بالمتبوع، ويشتمل عليها معنى عامله إجمالا بغير تفصيل١".

ومن هذا التعريف يتبين أن بدل الاشتمال مقصود لتعيين أمر في متبوعه، وأن هذا الأمر غرضي طارئ، وليس جزءا أصيلا من المتبوع٢. وأن أساس الاشتمال وموضعه الحق هو "العامل" بمعناه، لا التابع ولا المتبوع.

ومن الأمثلة لهذا البدل: بهرني عمر عدله، راقني معاوية حلمه، سرتني عائشة علمها ودينها. فالكلمات: عدل: حلم علم ... بدل اشتمال كل واحدة منها تعين أمرا خاصا في المتبوع. وهو أمر عرضي لا يدخل في تكوين الذات تكوينا ماديا أصيلا. وهذا الأمر العرفي الطارئ يندرج


١ وهذا الاشتمال قد يكون في أمر مكتسب؛ كالعلم، أو غير مكتسب مع ملازمته لصاحبه زمنا، كالحسن، أو عدم ملازمته: كالكلام. وأيضا قد يكون الاشتمال الظرف على المظروف؛ كالثوب، وتارة لا يكون، كالفرس ...
٢ وبسبب هذا يختلف بدل الاشتمال عن بدل البعض اختلافا واسعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>