للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ينكشف هذا الغلط والخطأ للمتكلم سريعا؛ فيذكر البدل، ليتدارك به الخطأ اللساني ويصححه. فالغلط إنما هو في ذكر المبدل منه، لا في البدل، نحو: "أعظم الخلفاء العباسيين: "المأمون" بن "المنصور"، "الرشيد". فالحقيقة: أن "المأمون" هو ابن "الرشيد"، ولكن المتكلم جرى لسانه بالخطأ، فذكر انه ابن المنصور؛ فأسرع وأصلح الخطأ بذكر الصواب، قائلا: "الرشيد". فالرشيد؛ بدل من المتبوع، الذي ذكر خطأ لسانيا. وليس "الرشيد" هو: الغلط؛ وإنما هو تصحيح للغلط الكلامي السالف الذي ذكر بغير قصد ولا تنبه. فكلمة: "الرشيد" بدل من "المنصور" بدل غلط، أي: بدلا مقصودا من شيء غير مقصود ذكر غلطا -كما أوضحنا- ولا يحتاج هذا البدل إلى ضمير يربطه بالمتبوع١ ولا ورود لهذا النوع في القران الكريم منسوبا إلى الله٢ ...

ب- بدل النسيان: هو الذي يذكر فيه المبدل منه قصدا. ويتبين للمتكلم فساد قصده: فيعدل عنه، ويذكر البدل الذي هو الصواب؛ نحو: "صليت أمس العصر، الظهر، في الحقل، فقد قصد المتكلم النص على صلاة العصر، ثم تبين له أنه نسي حقيقة الوقت الذي صلاه، وأنه ليس العصر؛ فبادر إلى ذكر الحقيقة التي تذكرها؛ وهي: "الظهر" فكلمة: "الظهر" بدل مقصود من كلمة: "العصر" بدل نسيان. والفرق بين هذا البدل وسابقه أن الغلط يكون من اللسان. إما النسيان فمن العقل.

وهذا النوع كسابقه لا يحتاج إلى ضمير يعود على المتبوع، ولا إلى رابط آخر٢.... ولا ورود لهذا النوع في القرآن الكريم منسوبا إلى الله ١ ...

ج- بدل الإضراب٣: وهو الذي يذكر فيه المبدل منه قصدا. ولكن


"١، ١" انظر الملاحظة التي في ص٦٧٦.
"٢، ٢" إذ يستحيل وقوع "الغلط والنسيان" من المولى -جل شأنه- ويستحيل نسبة أحدهما إليه؛ لبطلان هذه النسبة بداهة.
٣ يسمى أيضًا: بدل "البداء" -بفتح الباء والدال- أي: الظهور. لأن المتكلم بعد أن ذكره أولًا بدا له "أي: ظهر له" أن يذكر الثاني. والإضراب المقصود هنا هو: الإضراب الانتقالي -وقد سبق شرحه في ص٦٢٣-.

<<  <  ج: ص:  >  >>