للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تراك -يا صاحبي - ما ليس بحمده ... سراة١ قومك من أهل المروءات

وقول الآخر:

نزال إلى حيث المكارم تبتغي ... ألفا يناغيها، أمينا يصونها

وسيجيء٢ تفصيل الكلام على هذه الصيغة في باب اسم الفعل ... ٣.

وملخص ما سبق في هذا الباب:

أن في اللغة ألفاظا لا تستعمل إلا منادى؛ وهي أنواع ثلاثة:


١ أشراف وعظماء، المفرد: سري.
٢ في ص١٤٠ م١٤١ وكذلك يجيء في رقم ١ من هامش ص٢٦٠ بيان أنواعها المختلفة ومعانيها وحكم كل نوع من ناحية الإعراب والبناء.
٣ ويقول ابن مالك -بإيجاز- في نداء ما هو على وزن: "فعال" الخاص بالأنثى، و"فعال" الخاص باسم فعل الأمر، و"فعل" الخاص بنداء المذكر:
.......................... ... .............. واطردا١
في سب الأنثى وزن: يا خباث ... والأمر هكذا من الثلاثي٢
أي: اطرد في سب الأنثى: "يا خباث" وما كان على وزنها. والأصل: "فعال"، وما كان على وزنها. وهذا الوزن مطرد في الأمر أيضا، ومقصده اسم فعل الأمر، ثم قال:
وشاع في سب الذكور: "فعل" ... ولا تقس. وجر في الشعر "فل"٣
فهو يقرر أن نداء ما كان على وزن: "فعل" خاصا بسبب المذكر، أم شائع، ومع شيوعه نهى عن القياس عليه. ومنع القياس عليه مناقض للحكم بأنه شائع؛ إذ الشيوع في الكلام الفصيح يبيح القياس، كما بيناه من قبل. لهذا يكون الأخذ بالرأي المجيز أنسب ما دام المعنى المراد واضحا.
وختم البيت بإباحة جر "فل" في الشعر للضرورة؛ لأن كلمة: "فل"، و"فلة" ملازمتان للنداء، كما عرفنا؛ فلا يصح جرهما إلا في تلك الضرورة؛ كالبيت الذي يرددونه:
تضل منه إبلي بالهوجل ... في لجة أمسك فلانا عن فل
"الهوجل هنا: الصحراء التي لا أعلام فيها. اللجة -بفتح اللام: الأصوات المختلفة". والبيت متصل بما قبله في وصف الإبل المتزاحمة في الصحراء مثيرة للغبار، يدفع بعضها بعضا. وقد شبهها بقوم في لجة -وهي اختلاط الأصوات في الحرب- يدفع بعضهم بعضا؛ فيقال: أمسك فلانا عن فل، أي: احجز بينهما.
يقول بعض النحاة إن "فل" الواردة في البيت ليست المختصة بالنداء، وإنما هي اختصار لكلمة "فلان" التي تكون منادى وغير منادى؛ فلا شاهد في البيت. ويرى غيرهم العكس ولا قيمة لهذا الجدل، لوضوح الرأي القائل بأنها ليست منادى.

<<  <  ج: ص:  >  >>