للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لقد أفنيت عمرك في الجهاد، واستنزفت مالك -وما كان أكثره- في طلب الحرية للبلاد، واسترجاع الحق المغصوب، والاستقلال المسلوب، حتى ذاب جسمك، وانطفأ مصباح حياتك؛ فآه!! آه!! يا محمداه ... ".

فلا مجال للالتباس هنا؛ لأن المقام مقام رثاء، والمنادى الذي دخلت عليه "يا" ميت ...

٢- ولا بد في أسلوب الندبة من أن يذكر أحد هذين الحرفين؛ فلا يصح حذفه١، ولا الاستغناء عنه بعوض أو بغير عوض ...

ب- المنادى، وهو المندوب٢ هنا:

١- كل اسم يصلح أن يكون مندوبا، إلا نوعين من الأسماء:

أحدهما؛ النكرات العامة؛ "وهي الباقية على أصلها من الإبهام والشيوع، -وتشمل النكرة المقصودة- مثل: رجل، فتاة، عالم، طبيبة ... " وهذه النكرات العامة لا تصلح أن تكون مندوبا إذا كان متفجعا عليه، أما إن كان متوجعا منه فتصلح؛ نحو: وامصيبتاه ... ، في مصيبة غير معينة٣ ...

والآخر: بعض المعارف٤. وينحصر في الضمير، وفي اسم الإشارة الخالي


١ سبقت الإشارة لهذا في "ب" من ص٢.
٢ يقول بعض النحاة؛ إن المندوب ليس منادى حقيقة؛ وإنما هو على صورة المنادى، وحجته: أنك لا تريد منه أن يجيبك، ويقبل عليك، وأنهم منعوا في النداء. "يا غلامك"، ونحوه مما يكون فيه المنادى مضافا إلى المخاطب؛ لأن خطاب المضاف المنادي يناقض في مدلوله المراد من المضاف إليه، فلا يجمع بين خاطبين في جملة واحد "كما سبق في رقم ٢ من هامش ص٤" مع أن هذا واقع في أسلوب الندبة؛ مثل: واغلامك.
وقال آخرون: إنه منادى. وتصدى آخرون للتوفيق بين الرأيين بما صرح به الرضي من أنه منادى مجازا لا حقيقية، فإذا قلت في الندبة: "وامحمداه" فكأنك تقول له: أقبل؛ فإني مشتاق إليك -مثلا- وإذا قلت: "واحزناه" فكأنك تقول: احضر حتى يعرفك الناس فيعذروني فيك. ورأى الرضي هو الجدير بالأخذ به، والاقتصار عليه.
٣ كما سيجيء في ص٩٣.
٤ وحجتهم أنه لا يخلو من إبهام، كما سبق في أبوابه، والمندوب لا بد أن يكون معينا لا إبهام فيه، ليتحقق الغرض من الندبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>