للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالذي في قول أعرابية لابنها: "إياك والنميمة١. فإنها تزرع الضغينة٢، وتفرق بين المحبين. وإياك والتعرض للعيوب؛ فتتخذ غرضا٣؛ وخليق٤ ألا يثبت الغرض على كثرة السهام ... " وقولهم: "إياكم وثورة الغضب فإنها تجلب المرض وسوء العاقبة". إلى غير هذا من العبارات والصور المتعددة التي تحقق "التحذير" بمعناه اللغوي العام.

غير أن الكثير من الصور السالفة لا يخضع لأحكام هذا الباب. ولا تنطبق عليه ضوابطه النحوية وقواعده؛ لأن هذه الضوابط والقواعد والأحكام، لا تنطبق إلا على خمسة أنواع "اصطلاحية"؛ يسمونها: "صور التحذير الاصطلاحي"، هي -وحدها- المقصودة من هذا الباب بكل ما يحويه. ولا سيما اشتمال كل منها على اسم منصوب يعرب مفعولا به لفعل محذوف مع مرفوعه، وفيما يلي بيان هذه الأنواع الخمسة الاصطلاحية:

النوع الأول: صورة تقتصر على ذكر "المحذر منه" "وهو: الأمر المكروه" اسما ظاهرا٥، دون تكرار، ولا عطف مثيل له عليه -والمراد بالمثيل هنا؛ محذر منه. آخر؛ كتحذير الطفل من النار؛ بأن يقال له: النار، وكتحذيره من سيارة؛ بأن يقال له: السيارة.

وحكم هذا النوع: جواز نصبه بفعل محذوف جوازا هو ومرفوعه. فكلمة: "النار" أو "السيارة" يجوز نصبها على اعتبارها مفعولا به لفعل لمحذوف جوازا تقديره مثلا: احذر النار - احذر السيارة. والفاعل ضمير محذوف معه أيضا؛ تقديره: أنت. ويجوز تقدير فعل آخر يناسب المعنى والسياق من غير تقيد بشيء في اختياره إلا موافقة المعنى. وصحة التركيب، مثل: اجتنب النار - اجتنب السيارة ... أو: حاذر، أو: جانب ...

وفي كل هذه الأمثلة يصح حذف الفعل وفاعله معا. أو ذكرهما معا٦،


١ السعي بين الناس بالإفساد.
٢ الحقد والعداوة.
٣ هدفًا تصوب إليه السهام.
٤ جدير، أمر محقق ...
٥ أي: ليس ضميرا.
٦ مع ملاحظة أن الضمير المستتر نوع من الضمير المذكور -لا من المحذوف- طبقات لما سبق إيضاحه في باب الضمير ج١.

<<  <  ج: ص:  >  >>