أ- تضمنت المراجع المطولة جدلا يصدع الرأس في تقدير عامل النصب المحذوف في التحذير -ولا سيما ناصب الضمير "إياك وفروعه"- أهو الفعل: أحذر، أم باعد، أم اجتنب، أم احذر؟ ... أينصب مباشرة أم لا ينصب إلا على تأويل آخر ... و ...
والأمر لا يحتاج لكل هذا. وخير ما يقال في شأن المحذوف هو ما سجله بعض المحققين، ونصه١:"الحق أني قال: لا يقتصر على تقدير: "باعد"، ولا على تقدير: "احذر" ... ؛ بل الواجب تقدير ما يؤدي الغرض؛ إذ المقدر ليس أمرا متعبدا به لا يعدل عنه"١.
وهذا رأي نفيس، صادق، يجب اتخاذه دستورا عند تقدير المحذوف في التحذير، وفي الإغراء، وفي غيرهما من كل ما يحتاج إلى تقدير.
ب- يقول بعض النحاة إن الضمير:"إياك" وفروعه منصوب بفعل محذوف مع فاعله، وأن فاعله الضمير عاد فاستتر في الضمير "إياك" وصار "إياك" مغنيا عن التلفظ بالفعل المحذوف، ففي مثل قولهم:"إياك والحسد، فإنه يؤثر فيك أسوأ الأثر، ولا يؤثر في عدوك ... " نجد في لفظ إياك ضميرين:
أحدهما: هذا البارز المنفصل المنصوب، وهو:"إياك".
والآخر: ضمير رفع، مستكن فيه، منتقل إليه من الفعل الناصب له، ويترتب على هذا أنك إذا أكدت:"إياك: توكيدا معنويا بالنفس، أو بالعين، قلت: إياك نفسك، أو إياك أنت نفسك، بفصل أو بغير فصل؛ طبقا لقواعد التوكيد المعنوي بالنفس والعين. أما إذا أكدت ضمير الرفع المستكن فيه فإنك تقول مراعاة لتلك القواعد: إياك أنت نفسك، بالفصل بالضمير المنصوب "إياك": فتقول إياك والصديق، والسفهاء. أو إياك أنت والصديق، والسفهاء؛