وبهذه المناسبة نذكر ما يردده بعض المتسرعين بشأن الحذف. والتقدير، والتعليل في هذا الباب، من أنه خيالي محض؛ لا يعرف عنه العرب الأوائل شيئا. وهذا صحيح. ولكن أكثره خيال بارع نافع هنا. وحذف وتقدير يوصلان -غالبا- في هذا لباب إلى ضبط ما لا يمكن ضبطه بغيرهما، وتيسير ما يصعب، بل ما قد يستحيل إدراكه بدونهما. فمن الجحود إنكار فضل مبتكر به في هذه المسائل -وأشباهها- بغير روية ولا إنصاف. ومن غير السائغ إصدار حكم عام واحد على أمرين مختلفين كل الاختلاف؛ فأحدهما نافع بغير ضرر، والآخر لا نفع فيه، بل قد يكمن فيه الضرر بغير روية وإنصاف. ٢ نون التوكيد الخفيفة لا تقع -في الأرجح- بعد ألف الاثنين مطلقا، وإنما تقع الشديدة -كما سبق في ص١٧٩. ٣ أولاها: نون الرفع، والثانيتان: نون التوكيد المشددة؛ "والحرف المشدد يعتبر حرفين". فوجب حذف أحد الثلاثة؛ فحذفت نون الرفع للاستغناء عنها، ولوجود القرينة التي تدل عليها. والنونات الثلاثة زوائد. فإن كانت إحداهما أصلية وجب بقاء الأصلية، كقوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} . وقد سبق في ج١ م٦ ص٨٨ عند الكلام على إعراب المضارع أن توالي الأمثال الممنوع يتحقق حين تكون الأحرف الثلاثة المتماثلة زوائد فليس منه: "القائلات جنن، أو: يجنن" لأن الزائد هو المثل الأخير من الزوائد. وليس منه الفعل ومشتقاته في مثل: أنا أحييك: أو أنا محييك.. "راجع الصبان هنا وفي الموضع السالف، وشرح الرضي على الكافية ج٢ ص١٨٦.