للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلامة الدالة على منع الاسم من الصرف قد تكون واحدة، وقد تكون اثنتين معا، لهذا كانت الأسماء الممنوعة من الصرف نوعان:

نوع يمنع صرفه في كل استعمالاته حين توجد فيه هذه العلامة الواحدة، ونوع يمنع صرفه بشرط أن توجد فيه علامتان معا١ من بين علامات تسع. ومجموع النوعين أحد عشر شيئا:


١ يعبر النحاة عن هذا بقولهم: إن الاسم يمنع من الصرف لوجود علتين فيه، أو علة واحدة تقوم مقام العلتين ...
والتعبير بعلتين ليس دقيقا؛ لأن كل علة واحدة لا بد لها من معلول واحد، فالعلتان لا بد لهما من معلولين حتما. فكيف يجتمع علتان على معلول واحد؟ فإن كانتا قد اشتركتا معا في إيجاد المعلول الواحد لم تكونا علتين، وإنما هما علة واحدة ذات جزأين اشتركتا معا في إيجاد هذا المعلول الواحد. اللهم إلا أن يكون مرادهم علتين، أي: عيبين.
ويقولون في تعليل منع الاسم من الصرف كلاما لا تطمئن إليه النفس، ولا يرتاح إليهما لعقل. نلخصه للمتخصصين، لإبانة ضعفه وتهافته، مع دعوتنا إلى نبذه وإهماله إهمالا تاما. يقولون:
إن التنوين الأصلي خاصة، خواص الأسماء، لا وجود له في الأفعال ولا الحروف. وإن الحرف كلها مبنية، وكذلك الأفعال، إلا المضارع في بعض حالاته. فالاسم إذا أشبه الحرف يبنى "كأن يشبهه في الوضع، أو في المعنى ... أو غيرهما من أنواع الشبه التي عرفناها في صدر الجزء الأول، باب: الإعراب والبناء". وإذا أشبه الاسم الفعل منع من الصرف؛ لأن الفعل أقل استعمالا من الاسم وأضعف شأنا منه؛ فلذلك حرم التنوين الذي هو علامة القوة، والوسيلة لخفة النطق. فإذا اقترب الاسم من الفعل وشابهه في الضعف فقد استحق مثله امتناع التنوين. أما سبب ضعف الفعل عندهم دون الاسم -فأمران:
أحدهما: لفظي، وهو: أن الفعل متق من المصدر؛ فالفعل فرع، والاسم أصله، والفرع أضعف من الأصل.
ثانيهما: معنوي؛ وهو: أن الفعل محتاج دائما إلى الاسم في الإسناد، وليس كذلك الاسم، فإنه قد يسند إلى اسم مثله؛ ولهذا كان الاسم أخف لكثرة استعماله، والفعل أثقل لقلة استعماله؛ والحاجة ضعف. فإذا وجد في الاسم ضعفان معا لفظي ومعنوي، أو ضعف واحد آخر يقوم مقامها فقد شابه الفعل، واستحق منع التنوين، كما في مثل: "فاطمة" فقد وجد في هذا الاسم الضعف اللفظي، وهو علامة التأنيث؛ إذ التأنيث فرع التذكير، ووجد فيه الضعف المعنوي؛ وهو: العلمية التي هي فرع التنكير: "أما النوع الواحد من الضعف الذي يقوم مقام الاثنين فمحصور في: "ألف التأنيث" بنوعيها؛ "المقصورة والممدودة": وفي "صيغة منتهى الجموع". فوجود ألف التأنيث في آخر الاسم هو علة لفظة، وملازمتها إياه في كل حالاته هي علة معنوية. وخروج صيغة منتهى الجموع عن أوزان الآحاد العربية علة لفظية؛ "إذ ليس في تلك الآحاد مفرد ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة إلا وأوله مضموم، كعذافر -للجمل القوي- والأسد، أو تكون ألفه عوضا عن إحدى ياءي النسب كيمان وشآم، وأصلهما يمني، وشامي =

<<  <  ج: ص:  >  >>