ويختلفان كذلك في أن حذف الياء في صيغة منتهى الجموع هو للخفة، أو للتخلص من التقاء الساكنين -على خلاف في ذلك- أما في المفرد فللتخلص من التقاء الساكنين، بيان هذا ما يقولون في كلمة منقوصة للمفرد، مثل:"داع"، وأن أصلها:"داعي""داعين" استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة؛ فصارت الكلمة:"داعين"، التقى ساكنان لا يصح هنا التقاؤهما: الياء والتنوين المرموز له بالنون الساكنة؛ حذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، فصارت: داع "داعن".
أما في كلمة هي منتهى الجموع؛ مثل:"دواع" فأصلها: دواعي "دواعين" فعل اعتبار أن حذف الياء سابق على منع الصرف، استثقلت الضمة على الياء فحذفت؛ فصارت: دواعين؛ التقى ساكنان الياء والتنوين المرموز له بالنون الساكنة؛ فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين؛ فصارت الكلمة: دواع "دواعن". ثم حذف التنوين؛ لأن الكلمة ممنوعة من الصرف، وحل محله تنوين آخر؛ ليكون عوضا عن الياء المحذوفة، وليمنع رجوعها عند النطق، فصارت:"دواع".
أما على اعتبار أن الحذف متأخر عن منع الصرف فالأصل:"دواعي""دواعين" حذف التنوين لمنع الصرف؛ فصارت الكلمة:"دواعي" استثقلت الضمة على الياء فحذفت، ثم حذفت الياء طلبا للخفة، وجاء تنوين آخر للعوض عنها، ولمنع رجوعها.
"هكذا يقولون، وقد أوضحنا ما فيه بإسهاب في ج١ ص٢٤ م٣ كما أوضحنا هناك ما يحسن الأخذ به"، وكل ما سبق هو في المنقوص الخالي من "أل والإضافة".
فإن كان المنقوص بنوعيه -المفرد والجمع المتناهي- مضافا أو مقرونا بأل، فالحكم واحد؛ هو منع تنوينه، وعدم حذف يائه. ويرفع بضمة مقدرة على الياء، وينصب بفتحة ظاهرة عليها، ويجر بكسرة مقدرة عليها.
"ملاحظة": يقول الصبان في آخر هذا الباب ما نصه:
"لو سميت بالفعل: "يغزو" و"يدعو" ورجعت بالواو للياء؛ أجريته مجرى "جوار" وتقول في النصب: رأيت يرمي ويغزي. قال بعضهم: وجه الرجوع بالواو للياء ما ثبت أن الأسماء المتمكنة ليس فيها ما آخره واو قبلها ضمة؛ فتقلب الواو ياء، ويكسر ما قبلها. وإذا سميت بكلمة: "يرم" من "لم يرم" رددت إليه ما حذف منه، ومنعته من الصرف: "تقول: هذا يرم، ومررت بيرم، والتنوين للعوض، ورأيت يرمى. وإذا سميت بكلمة:"يغز" من قولنا: "لم يغز" قلت: هذا يغز، ومررت بيغز، ورأيت يغزي. إلا أن هذا يراد إليه الواو، وتقلب ياء؛ لما تقدم، ثم يستعمل استعمال "جوار"....". ا. هـ.
وقد نقلنا كلام الصبان هذا في الجزء الأول م١٦ ص١٤٦ وقلنا: إن فيه فوق التخيل البعيد ما يستدعي التوقف بل الإهمال؛ إذ يؤدي الأخذ به اليوم إلى تغيير صورة العلم تغييرا يوقع في اللبس والإبهام، واضطراب المعاملات -ولهذه المسالة صلة بما سيجيء في ص٢٤٧ وهو: "العلمية ووزن الفعل".