للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزائية له". كقوله تعالى عن موسى عليه السلام: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} ، فإن فرعون وآله لم يعتنوا بموسى وبتربيته في القصر الفرعوني ليكون لهم بعد ذلك سبب عداوة وحزن ... ، وإنما اعتنوا بتربيته لينفعهم، أو يكون لهم بمنزلة الولد. فلم تتحقق هذه الأمينة، وتحقق بدلهما أمر آخر؛ هو العداوة والحزن، فالعداوة والحزن هما اللذان انتهى إليهما أمر التربية، وهما العاقبة "النتيجة" والمآل الذي صار إليه أمر العناية.

وقد تكون زائدة لتقوية المعنى، وهي الواقعة بين فعل متعد، ومفعوله، كقول الشاعر في الحديث عن ليلاه:

أريد لأنسى ذكرها؛ فكأنما ... تمثل١ لي ليلى بكل سبيل

فالمضارع: "أريد" متعد، ومفعوله المناسب هو المصدر المنسبك من "أن" المقدرة جوازا بعد اللام، ومن الجملة المضارعة بعدها، وهذه اللام زائدة بينهما. والتقدير: أريد نسياني ذكرها٢، والأصل أريد لأن أنسى.


١ أي: تتمثل، وحذفت إحدى التاءين، تخفيفا.
٢ والغالب أن يكون المفعول مصدرا مؤولا، وقد يكون اسما صريحا. ومن الأمثلة أيضا قول الشاعر في الرثاء:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه ... فطيب تراب القبر نم على القبر
أي: أرادوا إخفاءهم قبره، فلام الجر زائدة بين الماضي ومفعول المصدر المؤول. ومثله:
أراد الظاعنون ليحزنوني ... فهاجوا صدع قلبي؛ فاستطارا
ومثله:
ومن يك ذا عظم صليب رجا به ... ليكسر عود الدهر فالدهر كاسره
أي: رجا كسر عود الدهر به ... ومثل:
وملكت ما بين العراق ويثرب ... ملكا أجار لمسلم ومعاهد
أي: أجار مسلما ومعاهدا.. فاللام في هذه الأمثلة وأشباهها، زائدة بين الفعل المتعدي ومفعوله الاسم الصريح كالمثال الأخير، أو المصدر المؤول كبقية الأمثلة. واعتبار هذه اللام زائدة داخلة على المفعول أفضل من اعتبار المفعول اسما محذوفا قبلها. على أن زيادتها في البيت الأخير الذي يستشهد به النحاة موضع شك؛ لما قدمناه عند الكلام عليه في باب: "حروف الجر" -ج٢ م٩٠ ص٣٦٧- حيث الموضع الأنسب لتفصيل الكلام على أحوال لام الجر وأحكامها ومعانيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>