الإعراب، أم ليس لها محل؟ فإن كان لها محل من الإعراب وجب إهمال:"إذن"؛ لوقوعها في صدر جملة تابعة في إعرابها لجملة أخرى سبقتها، وبهذه التبعية لا تكون في صدر جملة مستقلة بنفسها في الإعراب؛ نحو:"إن للطيور المهاجرة رائدا يتقدمها؛ وإذا يرشدها إلى غايتها، ويهديها السبيل". فجملة:"يتقدمها" مضارعية في محل نصب صفة لكلمة: "رائدا"، وجملة:"يرشدها" مضارعية معطوفة عليها؛ فهي في محل نصب كالمعطوف عليه؛ ويجب إهمال "إذن" فلا تنصب المضارع بعدها؛ لعدم وقوعها في صدر جملة مستقلة بنفسها في الإعراب.
وإن لم يكن للجملة الأولى محل من الإعراب -كالجملة الشرطية؛ مثلا- جاز الأعمال والإهمال؛ هو:"إن يشتهر نابغ وإذا تزداد أعباؤه، يفرح خاصته". فجملة:"يشتهر نابغ" جملة شرطية لا محل لها من الإعراب، وقد عطفت عليها بتمامها جملة:"تزداد أعباؤه"، وليس لها محل من الإعراب أيضا؛ لأنها كالمعطوف عليه؛ فيصح نصب المضارع:"تزداد" باعتبار "إذن" في صدر جملة لا محل لها من الإعراب؛ فهي بمنزلة الجملة بعد حرف العطف معطوفة على ما قبلها فهي مرتبطة به ارتباطا إعرابيا ومعنويا يجعلها في حكم غير المستقلة، ويجعل "إذن" في غير الصدارة الكاملة.
ولما تقدم يصح الاعتباران في مثل: عجائب الاختراع تزداد كل يوم، وإذا تسعد بها الناس أو تشقى. فإن عطفنا الجملة المضارعية:"تسعد، وفاعله" على المضارعية: "تزداد، وفاعله" وهي جملة في محل رفع خبر المبتدأ وجب إهمال "إذن" ورفع "تسعد". وإن عطفناها، على الجملة الاسمية المكونة من المبتدأ: "عجائب وخبره، وهي جملة لا محل لها من الإعراب جاز الإعمال والإهمال، فينصب المضارع أو يرفع١ ...
١ مما جاء واضحا في حكم "إذن" الواقعة بعد "الفاء أو: الواو" قول المبرد في كتابه: "المقتضب" "ج٢ ص١١" بعد نصه الصريح على أنه يصح الإعمال والإلغاء: "وذلك قولك: إن تأتي آتك وإذن أكرمك..، إن شئت رفعت، وإن شئت نصبت، وإن شئت جزمت. أما الجزم فعلى العطف على: "آتك"، والنصب على إعمال "إذن". والرفع على قولك: "وأنا أكرمك"، ثم دخلت "إذن". والرفع على قولك: "وأنا أكرمك"، ثم دخلت "إذن" بين الابتداء والفعل فلم تعمل". ا. هـ.