للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأداة الثانية: "أو" العاطفة١ التي بمعنى: "حتى"، أو "إلا" الاستثنائية:

ينصب المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد "أو" العاطفة في موضعين:

أحدهما: أن تكون "أو" العاطفة صالحة للحذف، ووضع "حتى" في مكانها من غير أن يتغير المعنى؛ سواء أكانت: "حتى" دالة على الغاية، أم دالة على التعليل.

أ- فالدالة على الغاية: "ويسمونها: "الغائية" أو: التي بمعنى: "إلى"" هي التي ينقضي المعنى قبلها شيئا فشيئا، لا دفعة واحدة، ويتم انقضاؤه بمجرد وقوع ما بعدهان وتحقق معناه؛ فإذا وقع ما بعدها انقطع ما قبلها نهائيا. وذلك بأن يكون لما قبلها نوع امتداد زمني، واستمرار معنوي متلاحق، لا ينقطع ولا يتوقف نهائيا إلا بتحقق ما بعدها وحصوله، فإذا تحقق ما بعدها وحصل انقطع المعنى قبلها بمجرد هذا التحقق والحصول؛ نحو: أقرأ الكتاب، أو أتعب، "أي: حتى أتعب، أو: إلى أن أتعب"، فقراءة الكتاب تتطلب وقتا، يتابع بعضها بعضا فيه، ولا تتم دفعة واحدة بغير استمرار زمني محدد، فإذا حصل التعب -وهو المعنى الذي بعد "أو"- انتهت القراءة وانقضت بمجرد حصول هذا التعب. ونحو: أتناول الطعام أو أشبع. "بمعنى: حتى أشبع، أي: إلى أن أشبع" فتناول الطعام لا يتم دفعة واحدة؛ وإنما يستغرق وقتا يتوالى فيه بعضه وراء بعض، ويستمر هذا حتى يحصل الشبع يتحقق -وهو المعنى الذي بعد: "أو"- فإذا حصل وتحقق انقطع تناول الطعام. ومثل: "أنام الليل أو يطلع الفجر، وأصلي الصبح وأتعبد أو تشرق الشمس٢ ...


١ يجري على هذه الأداء الأحكام العامة المشتركة التي سبقت في رقم ٢ من هامش ص٣١٧، والتي تجري على كل نظائرها التي تنصب المضارع بأن المضمرة وجوبا.
أما: "أو" العاطفة.. التي لا تنصب المضارع بعدها "بأن" -فقد سبق الكلام عليها "في ج٣ م١١٨ ص٥٨٥ من باب: عطف النسق".
٢ ومما يصلح لذلك قول امرئ القيس يخاطب رفيقه في السفر: "وكان امرؤ القيس قد صمم على الأخذ بثأر أبيه ممن قتلوه؛ فقصد قيصر الروم ليستعين به على تحقيق غرضه. واستصحب معه في سفرته الطويلة الشاقة عمرو بن قميئة الذي جزع وتوجع مما حاق بهما من المشقات. وهو الذي يقصد امرؤ القيس بقوله:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عينك إنما ... نحاول ملكا، أو نمت فنعذرا
والشطر الأخير هو محل الشاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>