للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يقول كثير من النحاة١.

ب- قلنا٢ إن أكثر النحاة يشترط في فاء السببية بعد الاستفهام ألا يكون الاستفهام عن أمر قد حصل في الزمن الماضي حقيقة؛ فيخرج نحو: لم أسأت إلى الصديق فيقاطعك؟ فلا ينصب المضارع: لأن الإساءة وقعت فعلا. وحجته أنه إذا سبك المصدر المؤول بعد الفاء كان هذا المصدر المؤول مستقبلا، يجب عطفه على مصدر قبل الفاء، ويجب أن يكون مستقبلا أيضا؛ ليتحد "المعطوف والمعطوف عليه" في الزمن -عملا بالرأي الراجح- فلو كان ما قبل الفاء ماضي الزمن لجاء المصدر "المعطوف عليه" ماضي الزمن أيضا؛ فيختلف في زمنه عن زمن المعطوف المستقبل.

أما الذين لم يشترطوا عدم المضي فحجتهم ما ورد من مثل: أين ذهب الرسول فتتبعه، بنصب: "نتبع" من أن المعنى في ذلك قد وقع في زمن مضى. ثم قال: إن لم يمكن الوصول إلى مصدر مستقبل من الكلام الذي قبل "الفاء" مباشرة فمن الممكن تصيده والوصول إليه من مضمون ذلك ولازمه؛ كأن نقول: ليكن منك إعلام بذهاب الرسول، فاتباع منا.

مع أن الرأي الأول دقيق محكم، وله الأفضلية، والاعتبار الأقوى -فالأنسب الأخذ بالرأي الثاني ليكون الحكم مطردا، فيقل التشعيب والتفريع، ولأن التقدير فيه روعي مثله في أحوال أخرى مع فاء السببية. كما يتبين مما سبق٣ ...


١ لا داعي لهذا، فخير منه أن تكون للعطف المجرد والمضارع بعدها مرفوع، لعطفه على مثله المرفوع، وإنما حرك بالفتحة للضرورة؛ وهي مراعاة القافية. ومثله المضارع "يعصم" في قول شاعرهم:
لنا هضبة لا ينزل الذل وسطها ... ويأوى إليها المستجير فيعصما
والمراد بالهضبة هنا: صولة قومه، وعزتهم، ومنعتهم.
٢ في رقم ٤ من ص٣٦٨.
٣ في ص٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>