ومتى ثبت أن المضارع لا ينصب إلا بعد الواو التي للمعية -بالشروط التي عرفناها- ثبت كذلك أنه لا يصح نصبه بعد "واو" غيرها؛ كالواو التي للاستئناف والجملة المضارعية بعدها مستأنفة. وكالواو التي للحال، والجملة المضارعية بعدها خبر لمبتدأ محذوف، والجملة من هذا المبتدأ وخبره في محل نصب حال، وكغيرها من أنواع الواو التي ليست للمعية ...
وعلى أساس الاعتبارات السالفة يجوز في الأمثلة التالية -وأشباهها- ضبط المضارع بعد الواو ضبوطا مختلفة؛ كل ضبط منها يؤدي معنى غير الذي يؤديه الآخر؛ فالضبط خاضع للاعتبار المعنوي، وإن شئت فالضبط خاضع للمعنى، ومتى تم الضبط صار هو المرشد للمعنى:
لا تقرأ وتأكل، لا تمش وتكتب، لا تغضب وتترك الحاضرين، لا تنتقل في الحديقة وتأكل ثمارها.. فيجوز في المضارع بعد الواو ما يأتي:
١- نصبه على اعتبار الواو للمعية؛ فيتعين أن يكون النهي مسلطا على الأمرين مصطحبين معا، فالكلام نص في النهي عن الجمع بين هذين الأمرين؛ فهو بمعنى: لا تجمع في وقت واحد بين هذين الأمرين.
٢- جزمه على اعتبار الواو لمجرد العطف وحده من غير معية، فالمضارع بعدها بدون فاعله معطوف على المضارع السابق المجزوم، عطف فعل على نظيره الفعل. ويكون النهي منصبا على الأمرين أيضا، ولكن على سبيل التشريك الذي لا دلالة معه على مصاحبة، أو عدم مصاحبة. فالنهي مسلط على هذا وذاك سواء أكانا مصطحبين أم غير مصطحبين: فالاصطحاب وعدمه أمران محتملان، لا سبيل للقطع بأحدهما إلا بقرينة أخرى.
٣- رفعه على اعتبار الواو للاستئاف، فالمضارع بعدها مرفوع، والجملة المضارعية مستقلة في إعرابها عما قبلها. ولذا يتعين أن يكون النهي منصبا على ما قبله الواو دون ما بعدها، فما بعدها مباح لا يسري إليه النهي.