أ- أيجوز الجمع بين "الفاء وإذا" السالفتين؟ صرح أكثر النحاة بأنه لا يجوز، وتألوا قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، فقالوا إن "إذا" لمجرد التأكيد هنا، وليست للربط، والممنوع أن تكون للربط عوضا عن الفاء، إذ لا يصح الجمع بين العوض والمعوض عنه. وهذا تأويل بادي الضعف عندي؛ لأن المهم الذي يراد معرفته هو الجمع بين هذين الحرفين أحيانا؛ أصحيح هو -على قلته- سائغ الاستعمالن أم غير صحيح وغير سائغ؟ والقرآن قد جمع بينهما؛ فلم يبق مجال لمنع الجمع، وإن كان قليلا نسبيا. أما التعليل بالتأكيد أو بالربط فأمر لا أهمية له بعد الحكم بصحة الاستعمال؛ محاكاة للقرآن الكريم؛ إذ لا شك أن محاكاته جائزة بالصورة والمعنى الواردين به؛ وإن كان أحد الاستعمالين أكثر فيه من الآخر، بل هي اختيار موفق لأسمى الأساليب التي تحاكي.
على أنه قد جاء في تفسير النسفي النص الصريح على أن "الفاء" قد اجتمعت هنا مع "إذا لتأكيد الربط.
ب- هل يصح -أحيانا- الاستغناء عن هذه الفاء الرابطة، وعما يخلفها بعد حذفها؛ هو: "إذا، الفجائية"؟
أجابوا: لا يصح الاستغناء إلا في الضرورة الشعرية؛ كقول القائل:
من يفعل الحسنات الله يشكرها١ ... والشر بالشر عند الناس مثلا
وقول الآخر:
ومن لم يزل ينقاد للغي والصبا ... سيلفى على طول السلامة نادما
١ ولا يصح في هذا البيت اعتبار "من" موصولة مبتدأ، والجملة الاسمية خبرها؛ لم يترتب على هذا من خلو الجملة الخبرية من رباط يربطها بالمبتدأ.