للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} ، قال أحد الشعراء: هاجني منظر شائق؛ فلم أغادر مكاني حتى فاض خاطري بخمسة وأربعين بيتا في وصفه، لم أقض فيها أكثر من ضحوة. وأزعجني نعي صديق لي، فانهمر لساني برثائه، وأنشأت قصيدة بلغت اثنين وخمسين بيتا لم أقطع فيها أكثر من بضع ساعات، ثم أكملتها بعد ذلك تسعة وسبعين بيتا ...

ولا بد في جميع حالات التمييز المنصوب أن يتأخر عن عامله الفعل أو ما يشبهه. وقد أشرنا -قريبا- إلى أنه يجوز في العدد المركب ما جاز في العدد المفرد من الإضافة لضمير المعدود ... بالتفصيل السالف.

"ملاحظ" إذا نعت تمييز العدد المركب، أو تمييز العقد، أو تمييز المعطوف، جاز في هذا النعت أن يكون مفردا؛ مراعاة للفظ المنعوت "وهو التمييز" وجاز أن يكون جمعا؛ مراعاة لمعناه الذي يراد به اسم العدد، نحو: هنا أربعة عشر خبيرا عالما، أو علماء -وعشرون طالبا ذكيا، أو أذكياء- وخمس وعشرون كاتبا ماهرا، أو مهرة ... ، وهكذا١. ومراعاة اللفظ أكثر. ومثل النعت غيره من بقية


١ في هذا الحكم تفصيل يشوبه غموض تنطوي عليه المراجع المتداولة، ونكتفي هنا ببعضها:
أ- من أمثلته ما جاء في الأشموني، ونصه: "يجوز في نعت هذا التمييز منهما وهنا يقول الصبان: "أي: من المركب وعشرين وبابه. وقضيته: أن تمييز غيرهما لا يجوز في نعته مراعاة المعنى" ... مراعاة اللفظ؛ نحو: عندي أحد عشر درهما ظاهريا، وعشرون دينارا ناريا، ومراعاة المعنى؛ فتقول: ظاهرية وناصرية، ومنه:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودا كخافية الغرب الأسحم
....................... ا. هـ. ... ..............................
ففي الحكم السابق تقييد للمنعوت بأنه تمييز للعدد المركب، وعشرين وبابه.. وليس فيه تقييد الجمع بأنه للتكسير أو للمذكر السالم.
ب- في حين يقول الرضي "ج٢ ص١٢٥" إذا وصفت المميز جاز لك في الوصف اعتبار اللفظ والمعنى؛ نحو: ثلاثون رجلا ظريفا وظرفاء، ومائة رجل طويل وطال. وقول الشاعر:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودا كخافية الغراب الأسحم
فأمثلته التي عرضها اشتملت على نوع من الأعداد ليس بالمركب ولا العشرين وبابه؛ فقد اشتملت على مائة، نعم لم يصرح بنوع الجمع ولكن المثال اقتصر على جمع التكسير.
ج- ويقول الهمع "ج١ ص٢٥٤ باب "التمييز" ما نصه: "إذا جيء بنعت مفرد أو جمع تكسير جاز الحمل فيه على التمييز وعلى العدد؛ نحو: عندي عشرون رجلا صالحا، أو صالح، وعشرون رجلا كراما أو كرام. فإن كان جمع سلامة تعين الحمل على العدد؛ نحو: عشرون رجلا صالحون". ا. هـ.
فبأي هذا الآراء نأخذ؟ لعل الأنسب الأخذ بما جاء في الهمع وفي كلام الرضي لأن رأيهما مردد في بعض المراجع الأخرى التي لم نذكرها. ولا مانع هنا من وصف الجمع الذي لا يعقل بالمفرد المؤنث.

<<  <  ج: ص:  >  >>