للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير دلالة على مرتبة، "أي: على ترتيب" مثل: فلان خامس خمسة نهضوا ببلدهم. تريد: أنه بعض جماعة منحصرة في خمسة محددة، أي: أنه واحد من خمسة لا زيادة عليها، من غير أن تتعرض لبيان ترتيبه فيها. ومن الأمثلة قوله تعالى عن رسوله الكريم وهجرته: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} ١، وقوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} ، فالفرق بين دلالة الصيغة هنا ودلالتها فيما سبق أنها هنا تدل على الاتصاف بمعنى الجزئية من عددها، أي: الدلالة على أنها فرد منه، وبعض من كله المحدد المحصور، ولا تدل مع هذا على مرتبة. "ترتيب" أما الأولى فتدل على الأمرين؛ الاتصاف بمعناه، وعلى التريب.

وحكم الصيغة هنا: إعرابها بالحركات٢ على حسب حاجة الكلام، مع مطابقتها لمدلولها في التذكير والتأنيث، ووجوب إضافتها إلى العدد الأصلي الذي اشتقت منه؛ فتكون هي المضاف، والعدد الأصلي هو المضاف إليه. "أي من إضافة الجزء إلى كله؛ مثل يد علي، وعين محمود".

وتمتاز صيغة "ثان وثانية" -دون غيرهما لدى فريق من النحاة-٣ بشيء آخر عند استخدامها في الغرض السالف، هو: إعراب العدد الأصلي بعدهما مفعولا به منصوبا، فوق صحة إعرابه مضافا إليه؛ فيصح أن يقال: كان فلان ثاني اثنين قادا جيشها للنصر، بإضافة الصيغة إلى أصلها العددي، وأن يقال: هل كان فلان ثانيا اثنين ... ؟ على اعتبار كلمة: "اثنين" مفعولا به.

ويرى فريق آخر من النحاة أن هذا الحكم ليس مقصورا على صيغة "ثان وثانية"، بل تشاركهما فيه بقية الأعداد، وهذا الرأي حسن لتكون صياغة "فاعل" "المراد منها اسم الفاعل" وإعماله قياسية مطردة.


١ الاثنان هما: الرسول عليه السلام، ورفيقه في هجرته أبو بكر رضي الله عنه.
٢ انظر رقم ١، من هامش الصفحة السابقة.
٣ محتجا بما ورد لهما عن العرب من مصدر صريح، وأفعال مشتقة منه، مثل قولهم: ثنيت الرجل، أي: كنت الثاني له. وهذا يجعل صياغتهما مطردة، ويجعل الصيغة خاضعة لكل أحكام اسم الفاعل القياسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>