للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا سمع هذا فإن الإبهام يزول عنها في الناحيتين السالفتين، وتنكشف له حقيقة المعدود "المسؤول عنه" ومقداره الحسابي؛ بسبب الاسم الذي جاء بعد: "كم" -ويسميه النحاة: تمييزا- وبسبب ما وليه من بدل مقرون بالهمزة. وهذا معنى قلوهم:

"كم الاستفهامية" أداة مبهمة عند سامعها، لا بد لها من تمييز بعدها يزيل الإبهام عن إحدى ناحيتي المعدود، وهي "ناحية الجنس"، وقد يليه ما يزل الإبهام عن الناحية الأخرى؛ وهي ناحية "المقدار العددي". فالتمييز محتوم، أما ما يليه فليس بمحتوم.

أشهر أحكامها:

١- أنها اسم استفهام له الصدارة في جملته دائما، إلا إن كان مجزورا بحرف جر أو بإضافة؛ نحو: بكم دينار تبرعت؟ ومرضى كم مستشفى ساعدت؟ والاستفهام بها قد يكون عن شيء مضى. أو لم يمض ...

٢- أنها مبنية على السكون دائما في محل رفع، أو نصب، أو جر، على حسب موقعها من الإعراب١، نحو: كم نوتيا في هذه الباخرة؟ -وكم بحارا


١ وضع بعض النحاة لإعرابها ضابطا حسنا ينطبق عليها وعلى الخبرية؛ فقال ما ملخصه: إذا وقعت "لكم" على زمان أو مكان فهي ظرف مبنية على السكون في محل نصب. نحو: كم يوما صمت؟، كم ميلا مشيت؟. وإن وقعت على معنى مجرد "أي: حدث" فهي مفعول مطلق، مبنية على السكون في محل نصب؛ نحو: كم زيارة زرت المريض؟ وإن وقعت على ذات، وكان الفعل بعدها متعديا، لواحد أو أكثر ولم يستوف مفعوله فهي مفعول به، مبنية على السكون في محل نصب؛ نحو: كم درهما بذلت للسائل المحتاج؟ وإن سبقها حرف جر، أو مضاف فهي مبنية على السكون في محل جر؛ نحو: في كم ساعة تطوف الطائرة حول الأرض؟ وفوق كم خط من خطوط الطول تمر؟. وما عدا ذلك تكون مبتدأ -غالبا- مبنية على السكون في محل رفع. نحو: كم مهاجرا حضر؟ وكم مهاجرا سيحضر؟ ومن هذا قول الشاعر:
وكم صاحب قد جل عن قدر صاحب ... فألقى له الأسباب؛ فارتفعا معا
وقد تكون معمولا لناسخ يعمل فيما قبله مثل: "كان وظن" "دون، وإن" نحو: مالك؟. وقد تصلح مبتدأ أو خبر في مثل: كم مالك؟ إن كانت استفهامية.
ومما يوضح محلها الإعرابي، ويسهل إعرابها أن نفترض عدم وجودها، ونجعل التمييز يحل في مكانها ونعرف موقعه الإعرابي، ونجري عليها حكمه؛ ففي مثل: كم يوما صمت. نفترض أن أصل الكلام: يوما صمت، أو صمت يوما. "فيوما": ظرف زمان. و"إذا": نعربها ظرف زمان. مبنية على السكون في محل نصب. وفي مثل: كم ميلا مشيت ... فتخيل أن الأصل: ميلا مشيت، أو: مشيت ميلا. فكلمة: "ميلا"، ظرف مكان. و"إذًا" نعربها ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب ... وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>