للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك يجب ولا يجوز جره إلا في ضررة الشعر إن كان مفصولا بظرف، ومعه جار ومجروره؛ نحو: كم دون الوصول إلى الشهرة كفاحا! وكم لها بعد إدراكها تعبا!

فإن كان الفصل بالظرف فقط، أو بالجار مع مجروره فقط الأمان، والنصب هو الأرجح. نحو: كم دون الشهرة كفاحا! وكم لها تعبا!.. ولا يصح الفصل بغير ما سبق -على الصحيح.

وإذا فصل بين "كم" الخبرية وتمييزها بجملة فعلية فعلها متعد، لم يستوف مفعوله وجب جر التمييز بالحرف: "من"١؛ لمنع اللبس؛ إذ قد يقع في الوهم أن التمييز المنصوب ليس تمييزا، وإنما هو "مفعول به" للفعل المتعدي. فلإبعاد هذا الوهم يجب جر التمييز بمن، لا بالإضافة؛ إذ لا يصح -في الأغلب- الفصل بالجملة بين المتضايفين. كقوله تعالى عن قوم أهلكهم: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} ٢، و"كم" في الآيتين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به.

ومن الجائز حذف تمييزها إذا دل عليه دليل. ولم يوقع حذفه في لبس؛ مثل: استعرضت كتبك الضاربة في علوم وفنون مختلفة؛ فما أكثرها وأعجبها!! فكم في الأدب!! وكم في التاريخ٣..، ولكن حذفه وهو "مضاف إليه" قليل غير قياسي٤؛


١ يقول الصبان في باب: "حروف الجر"، عند الكلام على: من، الزائدة إنها في هذه الصورة زائدة؛ معتمدا على رأي فريق من النحاة.
٢ وقوله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ} .
وقد أوضحنا هذا في ج٢ باب حروف الجر، م٩٠ ص٤٢٢، عند الكلام على: "من الزائدة".
٣ ومثل قول الشاعر يتحدث عن بيته:
كم مر بي فيه عيش لست أذكره ... ومر بي فيه عيش لست أنساه
وقول الآخر:
وإن نابتك نائبة فشاور ... فكم حمد المشاور غب أمر
يريد: فكم يوم فكم مرة ...
٤ لحذف المضاف إليه موضوع سبق في ج٣ م٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>