للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو مثل قول الشاعر:

وما هو من يَأسو الكُلُوم١ ويُتَّقَي ... به نائباتُ الدهر، كالدائم البُخْل

فقد وقع اسمًا لـ"ما" الحجازية. ومثل قول الشاعر:

عَلمْتُه "الحقُّ لا يخفى على أحد" ... فكُنْ مُحِقًّا تَنَلْ مَا شِئْتَ مِن ظَفَرِ

ثانيا: أن يكون صيغته للمفرد؛ فلا يكون للمثنى، ولا للجمع مطلقًا. والكثير فيه أن يكون للمفرد المذكر، مرادًا به الشأن، أو: الحال، أو: الأمر. ويجوز أن يكون بلفظ المفردة المؤنثة عند إرادة القصة، أو: المسألة؛ وخاصة إذا كان فى الجملة بعده مؤنث عمدة٢؛ كقوله تعالى: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ ٣ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، وكقوله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} . ومثل: "هي؛ الأعمال بالنيات" و"هي؛ الأم مدرسة".

ثالثها: أنه لا بد له من جملة تفسره، وتوضح مدلوله، وتكون خبرًا له -الآن أو بحسب أصله٤- مع التصريح بجزأيها؛ فلا يصح تفسيره بمفرد، وبخلاف غيره من الضمائر، ولا يصح حذف أحد طرفي الجملة، أو تقديره.

رابعها: أن تكون الجملة المفسّرة له متأخرة عنه وجوبًا ومرجعه يعود على مضمونها٥ فلا يجوز تقديمها كلها، ولا شيء منها عليه؛ لأن المفسِّر لا يجيء قبل المفسَّر "أي: أن المفسِّر لا يجيء قبل الشيء الذى يحتاج إلى التفسير".

خامسها: أنه لا يكون له تابع؛ من عطف، أو توكيد، أو بدل، أما النعت


١ الكلوم: الجروح. المفرد: كلم.
٢ وقد اشترط -بحق- أكثر البصريين هذا الشرط لتأنيثه، والعمدة -كما عرفنا: جزء أساسي في الجملة لا يمكن الاستغناء عنه، كالمبتدأ، وكالخبر، أو: ما أصله المبتدأ أو الخبر. وكالفاعل ونائبه.
٣ متجهة في الفضاء ممتدة، لا تتحرك ولا تتغير.
٤ كأن يسبقها ناسخ. ومن هذه النواسخ. "أن" المخففة من الثقيلة، و "كأن" المخففة كذلك- كما سيجيء في ص ٦٧٣ و ٦٨١ - في باب "إن".
٥ من هنا نعلم أن: "ضمير الشأن" لا يكون له مرجع متقدم يوضحه، وإنما مرجعه يجيء بعده وهو مضمون الجملة التي تليه، فهي التي توضحه وتفسره. فلو كان الذي يفسره مفردا لم يكن ضمير الشأن. ففي مثل عرفته عليا، أو: ربه طالبا- لا يكون الضمير هنا للشأن، وإنما هو ضمير يعود على متأخر. وعودة ضمير الشأن على متأخر إحدى المسائل التي يصح فيها إرجاع الضمير على متأخر لفظا ورتبة. وسيجيء بيانها، في "و" ص ٢٥٨ ومنها: "ضمير الشأن" في ص ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>