للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمات، ولم يجمعوا كلمة: رجل، ولا عنق، ولا فؤاد، على صيغة من الصيغ الخاصة بجمع الكثرة.

ومن الأمثلة أيضا: رجال وقلوب "جمع: رجل، وقلب" في القلة والكثرة، مع أن صيغة: "فعال" و"فعول" من الصيغ الغالبة في الكثرة. فاكتفوا بها في الدلالة على النوعين عند تكسير الكملتين، ولم يجمعوا رجلا، وقلبا، على صيغة للقلة.

الأمر الثالث: أن العرب قد يستعملون صيغة شائعة في أحد نوعي التكسير مكان صيغة وضعوها للنوع الآخر، وشاعت فيه. فكلتا الصيغتين موجودة فعلا، وتشيع في أحدهما١، وحده، ولكنهم يستعملونها في معنى الآخر؛ بقرينة في الكلام خارجة عن الصيغة وعن وزنها تدل على هذا النقل والتبادل. وبغير القرينة لا يصح الحكم على الصيغة بأنها مستعملة في غير نوعها٢.


١ في صيغ جمع القلة وأنها قد تستعمل للكثرة والعكس يقول ابن مالك في أول باب عنوانه: "جمعا لتكسير" وسنذكر أبياته مرتبة هنا ترتيبها في "ألفيته":
أفعلة، أفعل، ثم: فعلة ... ثمت: أفعال جموع قله
"ثمت: هي: "ثم" العاطفة، زيدت في آخرها تاء التأنيث المفتوحة"، تلك صيغ القلة. وانتقل بعدها مباشرة إلى استعمالها في الكثرة، وصيغ الكثرة في القلة، فقال:
وبعض ذي بكثرة وضعا يفي ... كأرجل، والعكس جاء كالصفي
يقول: إن بعض هذه الأوزان يفي بالكثرة، أي: يدل عليها ويغني فيها؛ كأرجل؛ جمع رجل؛ فإنها تكون للكثرة كما تكون للقلة. وهذا بالوضع العربي: أي: أن العرب وضعوا الجمع المكسر: "أرجل" للكثرة كما وضعوه للقلة فهو صالح للمعنيين، ولم يعرف لجمع: "رجل" صيغة مسموعة خاصة بالكثرة؛ فالوضع للمعنيين أصيل وحقيقي. ولكن صيغته في أحدهما أكثر شيوعا منه في الآخر. والعكس صحيح كذلك، فقد جمعوا بعض الألفاظ لتدل على القلة، مع أنها مصوغة على وزن بعض الصيغ الشائعة في الكثرة -كما قلنا- وضرب مثالا هو: "الصفي" جمع صفاة "بمعنى: الصخرة الملسا، وأصله: صفوي، اجتمعت التاء والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء؛ عملا بقواعد الإعلال، وأدغمت الياء في الياء، فصارت صفي، ثم قلبت الضمة قبل الياء كسرة؛ لأن الكسرة هي التي تناسبها؛ فصارت: صفي، بياء مشددة، ولم يشددها الناظم لضرورة الوزن".
٢ وقد كثر هذا النقل والتبادل في بعض الصيغ؛ كصيغة "أفعال" التي للقلة؛ فقد أشاعوها؛ في المعنيين؛ وإن كانت للقلة أوفر شيوعا. ومن الجائز لنا في كل وقت أن نستعملها في المعنيين مثلهم، =

<<  <  ج: ص:  >  >>