للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهبت إلى حامد، طار عصفورٌ جميلٌ، شاهدت عصفورًا جميلاً، استمعت إلى عصفورٍ جميلٍ ... وهذه الكلمات لا تكون إلا أسماء.

وكان الأصل أن تكتب هي وأشباهها كما يكتبها علماء "العَروض" هكذا:

حامدُنْ، حامدَنْ، حامدِنْ، عصفورُنْ جميلُنْ ... عصفورَنْ جميلَنْ ... عصفورِنْ جَميلِنْ ... أي: بزيادة نون ساكنة في آخر الكلمة؛ تحدث رنينًا خاصًّا؛ وتنغيمًا عند النطق بها. ولهذا يسمونها: "والتنوين" أي: التصويت والترنيم؛ لأنها سببه. ولكنهم عدلوا عن هذا الأصل١، ووضعوا مكان "النون"٢ رمزًا مختصرًا يغني عنها، ويدل -عند النطق به- على ما كانت تدل عليه؛ وهذا الرّمز هو: الضمة الثانية، والفتحة الثانية، والكسرة الثانية ... على حسب الجمل ... ويسمونه: "التنوين"، كما كانوا يسمون النون السالفة، واستغنوا بها الرمز المختصر عن "النون"؛ فحذفوها فى الكتابة، ولكنها لا تزال ملحوظة يُنْطَق بها عند وصل بعض الكلام ببعض، دون الوقف.

ومما تقدم نعلم: أن التنوين نون ساكنة، زائدة٣. تلحق آخر الأسماء لفظًا، لا خطًا ولا وقفًا٤.

العلامة الثالثة: أن تكون الكلمة مناداة٥، مثل: يا محمدُ، ساعد


١ اختصارًا، ومنعًا للخلط بين هذه النون الزائدة وغيرها من النونات الأخرى، الزائدة والأصلية.
٢ راجع شرح المفصل "جـ ٩ ص ٣٥" في الكلام على "التنوين" حيث تراه مكتوبا "بالنون" كما في الأمثلة السالفة ...
٣ أي: ليست من أصل بنية الكلمة، ولا من حروفها الأصلية، لأن هذه النون -وإن كانت حرفا واحدًا- تعد كلمة كاملة، وتدخل في قسم الحرف المعنوي المعدود من أقسام الكلمة الثلاثة، فمثلها مثل واو العطف، وفائه، وباء الجر، وتائه ... وغيرها من "حروف المعاني" التي سيجيء الكلام عليهما في هامش ص ٦٦ وص ٧٠ وفي الجزء الثاني ص ٢٢٩ م ٧٨ "أول باب: الظرف" ويبنون على هذا تعليلات لبعض الأحكام، كتعليلهم وجوب حذف التنوين من المضاف بأن التنوين كلمة كاملة، ولا يصح الفصل بكلمة بين المضاف والمضاف إليه، وهما شيئان متلازمان. إلا بعض حالات فيها الفصل بينهما، وستجيء في باب: "الإضافة" "جـ ٣".
٤ سيجيء في المسألة الثالثة: "ص ٣٣" تفصيل مناسب يتضمن أنواع التنوين وحكم كل نوع.
٥ لأن المنادى "مفعول به" فقولك: "يا محمد" هو بمثابة قولك: "أدعو محمدا" فهو مفعول به حقيقة، أو تقديرا - تبعا للخلاف الذي سجله الصبان وغيره، في هذا والمفعول به لا يكون إلا اسما. وكان الأوضح والأنسب أن يقال: "أن تكون الكلمو مفعولا به "كما يرى بعض النحاة - لتكون هذه العلامة هي الدالة على اسمية الضمير: إياك" وأخواته، مما يكون "مفعولا به" ولا يكون "منادي".

<<  <  ج: ص:  >  >>