للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأصل العام الذي يجب مراعاته عند الحاجة للضمير هو: اختيار المتصل ما دام ذلك في الاستطاعة، ولا يجوز العدول عنه إلى المنفصل، إلا لسبب١. هذا هو الأصل العام الواجب اتباعه في أكثر الحالات٢.

غير أن هناك حالتين يجوز فيهما مجيء الضمير "منفصلًا" مع إمكان الإتيان به "متصلًا".

الحالة الأولى: أن يكون الفعل -أو ما يشبهه٣- قد نصب مفعولين٤ ضميرين، أولهما أعرف من الثاني؛ فيصح في الثاني أن يكون متصلًا وأن يكون منفصلًا. نحو: الكتابُ أعطيتنيه، أو: أعطيتني إياه، والقلمُ أعطيتكه، أو: أعطيتك إياه. فالفعل: "أعطى" هو من الأفعال التي تنصب مفعولين، وقد نصبهما في المثالين، وكانا ضميرين؛ ياء المتكلم، وهاء الغائب في المثال الأول، وكاف المخاطب وهاء الغائب في المثال الثاني. والضمير الأول في المثالين أعرف٥ من الثاني فيهما؛ فصحّ في الثاني الاتصال والانفصال. ومثل ذلك. أن تقول: الخيرُ سَلنْيه٦ وسلني إياه. والخيرُ سألتكه، وسألتك إياه.

وبهذه المناسبة نشير إلى حكم هامّ يتصل بما نحن فيه، هو: أنه إذا اجتمع ضميران، منصوبان، متصلان، وأحدهما أخصّ من الآخر "أي: أعرَفُ منه، وأقوى درجة في التعريف". فالأرجح تقديم الأخصّ منهما. تقول: المالُ أعطيتكه، وأعطيتنيه، فتقدم الكاف على الهاء فى المثال الأول؛ لأن الكاف للمخاطب، والهاء للغائب، والمخاطب أخصّ من الغائب. وكذلك تقدم الياء


١ وسنذكر هنا حالتين يجوز فيهما الاتصال والانفصال، ثم نذكر -في الزيادة والتفصيل ص ٢٧٦- أهم الأسباب التي توجب الانفصال، وتحتمه.
٢ وفي هذا يقول ابن مالك:
وفي اختيار لا يجيء المنفصل ... إذا تأتي أن يجيء المتصل
٣ شبه الفعل "أي: المشتق" هو: ما يشترك معه في أصل الاشتقاق، ويعمل عمله -غالبًا- كاسم فاعله، واسم مفعول و....
٤ لأنه من الأفعال التي تنصب مفعولين، مثل "ظن" وأخواتها ... "وانظر رقم ٦ من هامش ص٢٧٥".
٥ أي: أقوى منه في درجة التعريف والتعيين. وقد عرفنا أن ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب، وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب، وأوضحنا هذا بإسهاب. "في رقم ١ من هامش ص ٢١٢".
٦ أي: اسألني إياه.

<<  <  ج: ص:  >  >>