ثم أوضح أن حذف النون وجه، ولكن الأول أقوى. وأيده بدليل. ثم نقل قول الشاعر: وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد وقال إنه يحتمل الرأيين، وإن الأول أقوى. "فلج: اسم بلد بين البصرة واليمامة". بقي أن أسأل: كيف يصح القول بأن كلمة "الذي" هنا محذوفة النون، وأن أصلها: "الذين" للجمع، مع أن بعض الضمائر العائدة عليها هي للمفرد؟ كما أسأل عن الداعي إلى التأويل والحذف والتقدير مع صحة إعراب التي - وهي للمفردة- نعتا لكلمة "أمهات" وهي جمع مؤنث سالم للعقلاء. وهذا النعت صحيح، طبقا للتحقيق الأكمل المعروض في باب: "النعت" - جـ٣ م ١١٤ ص ٤٣٣ عند الكلام على حكم النعت الحقيقي، ومطابقته للمنعوت أو عدم مطابقته؟ ١ كلتاهما تكتب بلامين. ٢ هذا هو الأشهر الذي يحسن الاقتصار عليه. ويجوز أن تكون مكسورة أيضا مع التشديد، ولكنها في حالة النصب والجر تقتضي فتح الياء قبلها، تقول: "اللذان، اللذين".... فتكون في التشديد وعدمه كنون "ذان" و "تان" اسمي الإشارة حيث يصح فيهما الأمران كما أسلفنا. - في رقم ٣ من هامش ص ٣٢٣- تقول في حالة الرفع: ذان - تان- أو ذان - تان- وفي حالتي النصب والجر: ذين وتين أو: ذين وتين. فالنون في كل الأمثلة السابقة - من أسماء الإشارة والموصول- صالحة للتشديد وعدمه، لكنها عند النصب والجر تستلزم عند التشديد فتح الياء قبلها. وإلى ما سبق يشير ابن مالك: موصول الأسماء: الذي، الأنثى: التي ... واليا إذا ماثنيا لا تثبت بل ما تليه أوله العلامة ... والنون إن تشدد فلا ملامه والنون من ذين وتين شددا ... أيضا وتعويض بذاك قصدا يقول: ألفاظ الموصول الاسمى هي: الذي". ولم يذكر أنها للمفرد المذكر، مكتفيا بالمقابلة التالية، حيث يقول: إن الأنثى "أي: المفردة" لها: "التي" ثم أوضح أن الياء في كلمتي: "الذي، والتي" لا تثبت، أي: لا تبقى عند تثبتهما فتحذف، ويجيء بعد الحرف الذي وليته -أي: جاءت بعده- علامتا التثنية، وهما الألف والنون رفعًا، أو الياء والنون نصبا وجرًّا. وصرح بأن تشديد النون في التثنية لا لوم فيه، وكذلك تشديد النون في "ذين" و "تين" اسمي إشارة جائز أيضا - كما سبق في رقم ٣ من هامش ص ٣٢٣ وأن التشديد في هذه النونات كلها هو تعويض عن الياء التي حذفت من غير داع لأجل التثنية. وهذا تعليل يجب إهماله. لأن العلة الصحيحة هي استعمال العرب ليس غير.