للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك: صاح الغراب غاقِ "بغير تنوين" فالمراد أنه يصيح صياحًا خاصًّا، فيه تنغيم، أو حزن، أو فزع، أو إطالة ... أما بالتنوين فمعناه مجرد صياح.

فعدم التنوين فى الكلمات المبنية السابقة -وأشباهها- هو الدليل على أنك تريد شيئًا واحدًا معينًا، واضحًا فى ذهنك، معهودًا لك ولمخاطبك؛ سواء أكان ذلك الشيء شخصًا أم غير شخص، والتنوين هو الرمز الدال على أنك تريد شيئًا غير مُعَين بذاته، وإنما هومختلط بين نظائره المماثلة له، ولا يتجه ذهنك إلى واحد منها دون غيره. ويسمون الكلمة التى من النوع الأول الخالي من التنوين: "معرفة"١؛ لأن مدلولها معروف مُعَين. والكلمة التى من النوع الثانى المنَوّن: "نكرة"؛ لأن معناها مُنَكر -أي: شائع- غير معين وغير محدد. ويسمون التنوين الذى يدخلها: "تنوين التنكير" أى: التنوين الذى يدل فى الكلمة المبنية على الشيوع وعدم التعيين؛ ولا يدخل إلا الأسماء المبنية. فهو: "العلامة التى تدل بوجودها على أن الكلمة المبنية نكرة، وتدل بحذفها على أنها معرفة".

"د" قسم لا تتغير حركة آخره ولا يدخله التنوين؛ مثل: هؤلاءِ حيثُ ... كمْ ... تقول: جاءَ هؤلاءِ، أبصرتُ هؤلاءِ، انتفعت بهؤلاءِ ... "بالكسر فى كل الحالات، بغير تنوين، فهو مبني، وغير منون".

من التقسيم السابق نعلم أن بعض الأسماء معرب، وبعضها مبني، وأن كل واحد منهما قد يكون منونًا، وقد يكون غير منون.

والقسم الأول: "أ" وحده هوالذى يجتمع فيه الإعراب والتنوين معًا. والنحاة يقررون أن الأصل فى الأسماء أن تكون مُعْربة٢ ومنونة، وأن الأصل فى الحروف وأكثر الأفعال أن تكون مبنية وغير منونة؛


١ وللمعرفة والنكرة وأنواعهما باب خاص يشمل كل أحكامهما، وسيجيء قريبًا "ص ٢٠٦ م ١٧".
٢ لأن استقراءهم للأسماء دلهم على غلبة الإعراب والتنوين فيها، كما دلهم على أن الحروف كلها مبنية وغير منونة، وأن الأفعال كلها غير منونة وأكثرها مبني، فالماضي والأمر مبنيان دائمًا، والمضارع يعرب في حالات، ويبني في غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>