للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار ياء في اسم الفاعل وحذف فى جمع التكسير، وحل مكانه التنوين؛ عِوضًا عنه، فالتنوين المشاهد فى آخر كل جمع مما سبق إنما هو تعويض عن الحرف المحذوف. وعند الإعراب نقول: الكلمة مرفوعة بالضمة على الياء المحذوفة. ومجرورة بفتحة نيابة عن الكسرة فوق الياء المحذوفة. والتنوين الظاهر فى الحالتين عوض عن الياء المحذوفة١.


١ هذا خير ما يقال اليوم، وأوضحه وأيسره. أما ما يقوله النحاة فمردود عقلًا، وفيه التواء وصعوبة، فهم يقولون: إن كلمة: باقية، أو: نامية، أو: ماضية، أو: ما يشبهها "من كل كلمة مؤنثة على وزن: "فاعلة" يجوز جمعها جمع تكسير على وزن: "فواعل" فتصير الكلمة المرفوعة بعد تكسيرها: "بواقي" "نوامي" "مواضي" بالضم بغير تنوين؛ لأنها ممنوعة من الصرف لصيغة منتهى الجموع "وهي كل جمع تكسير بعد ألف تكسيره إما حرفان، مثل: معابد، طوائف، جواهر، مدارس....، وإما ثلاثة أحرف أوسطها ساكن، مثل: مفاتيح، قناديل، أزاهير، جمع أزهار، وتفصيل الكلام عليها في الباب الخاص بما لا يصرف جـ٤ م ١٤٥، م ١٧٣" ثم تحذف الضمة؛ لأنها ثقيلة على الياء، فتصير الكلمة، "بواقي"، "نواسي"، "مواضي"، ثم تحذف الياء للتخفيف أيضًا. ويجيء التنوين عوضًا عنها؛ لأنها حرف أصلي، لا يحذف من غير تعويض، وإلا كان الحذف جورًا على الكلمة، كما يقولون!!
هذا على اعتبار أن الكلمة المجموعة كانت ممنوعة من الصرف أول الأمر عند تكسيرها، ثم وقع الحذف والتعويض بعد ذلك. أما على اعتبار أنها لم تكن ممنوعة من الصرف أول الأمر وإنما وقع الحذف والتعويض قبيل منعها من الصرف فيقال فيها: "بواقي" "نوامي"، "مواضي" بالتنوين في كل هذا، ثم حذفت الضمة الأولى وحدها؛ لأنها ثقيلة على الياء "وبقي التنوين الذي تدل الضمة الثانية عليه" فالتقى ساكنان لا يجوز اجتماعهما، هما: الياء والتنوين، فحذفت الياء أولا، ثم حذف التنوين بعدها، "بسبب أن الكلمة ممنوعة من الصرف لصيغة منتهى الجموع" فصارت "بواق"، "جوار" و"مواض" بكسرة واحدة، "أي: بغير تنوين" ثم جاء تنوين آخر غير المحذوف، ليكون عوضًا عن الياء، وليمنع رجوعها عند النطق. فمنع الصرف في الحالة الأولى سابق في وجوده على الحذف، ومقدم عليه، أما في الحالة الثانية فكان الحذف هو السابق والمقدم على منع الصرف في رأيهم.
وكلتا الحالتين تجري على الجموع السابقة وأشباهها في حالة الجر أيضا، فبدلا من أن يقال: حذفت الضمة، لثقلها ... يقال: حذفت الكسرة، لثقلها ... أو حذفت الفتحة التي هي نائبة عن الكسرة، الثقيلة - في رأيهم- بالرغم من خفتها عندهم في كل موضع آخر.
ولا يخفى ما في هذا من تكلف بغير داع، ولف، وتعقيد. والواجب أن تقول في سبب الحذف في "فواعل" وأشباهها، "من كل صيغة لمنتهى الجموع، آخرها ياء لازمة، مكسور ما قبلها، ولكنها تحذف -عند عدم المانع- كحذفها في الجموع السابقة" "إنه استعمال العرب ليس غير" فهم يحذفون تلك الياء، رفعًا، وجرًا، إذا وقعت آخر صيغة منتهى الجموع، وما أشبهها من غير أن يفكروا في قليل أو كثير مما نقلناه عن النحاة، بل من غير أن يعرفوا عنه شيئًا. فلا علينا إن تركنا ذلك المنقول، واكتفينا بما ذكرناه، مسايرة للعقل، وتجنبًا للوعر الذي لا خير فيه، بل الخير في استبعاده ونبذه.
وما يؤيد رأينا -إن كان في حاجة إلى تأييد- أن العرب يقولون: أكرمت بواكي ... ورأيت سواقي ... و.... بظهور الفتحة على الياء. فلم توصف الفتحة في مثل هذه الحالة بالخفة وتفوز بالبقاء، ولم توصف في حالة الجرحين تكون نائبة عن الكسرة بالثقل وتحذف- في الرأي المشهور- ثم تحذف الياء؟ ....
فكيف يقع هذا مع أن الحرف في الحالتين واحد، وكذلك حركته وهي الفتحة، وكذلك الحنجرة، واللسان والفم، وجهاز النطق والكلام. ثم انظر رقم ٤ من هامش ص ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>