للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموصولة وهي اسم -في الرأي الأرجح- وقد سبق الكلام عليها في الموصولات١. منها المعَرّفة، ومنها الزائدة٢. وفيما يلي بيان هذين القسمين.

أ- "ألْ" المُعَرّفة؛ "أي: التي تفيد التعريف".

وهي نوعان؛ نوع يسمى: "أل" العهدية "أي: التي للعهد" ونوع يسمى: "أل" الجنسية، وكلاهما حرف٣.

فأما"العهدية"٤ فهي التي تدخل على النكرة فتفيدها درجة من التعريف تجعل مدلولها فردًا معينًا بعد أن كان مبهمًا شائعًا. وسبب هذا التعريف والتعيين يرجع لواحد مما يأتي:

١- أن النكرة تذكر في الكلام مرتين بلفظ واحد٥، تكون في الأول مجردة من "أل" العهدية، وفي الثانية مقرونة "بأل" العهدية التي تربط بين النكرتين، وتحدد المراد من الثانية: بأن تحصره في فرد واحد هو الذي تدل عليه النكرة الأولى٦.


١ في ص ٣٥٦.
٢ ستجيء في ص٤٢٩.
٣ ويجب إدغامه في التاء إذا وقعت بعده، طبقًا للبيان الذي سبق في رقم٣ من هامش ص٣٨٧.
٤ من هذا النوع "أل" الداخلة على "أفعل التفضيل" فإنها لا تكون إلا للعهد- كما سيجيء البيان في بابه، ج٣ مم ١١٢ ص ٣٩٨ عند الكلام على القسم الذي به "أل". وكما سبقت الإشارة في رقم٢٢ من ص٣٥٦.
٥ قد يكون اللفظ السابق مذكورًا صراحة كالأمثلة المعروضة، وقد يكون كناية، نحو قوله تعالى في سورة مريم: "وليس الذكر كالأنثى". فالذكر تقدم قبل ذلك مكنيًّا عنه بقول مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} ، أي: منقطعًا لخدمة بيت المقدس، على حسب ما كان شائعًا في زمنها. وهذا النذر خاص بالذكور عندهم إذ ذاك.
٦ فإن النكرة الثانية بمنزلة الضمير، والأولى مرجع الضمير، و"أل" هي الرابطة بينهما الدالة على اتصال الثانية بالأولى اتصالًا معنويًّا. ويدل على أن الثانية بمنزلة الضمير والأولى بمنزلة مرجعه أنك في مثل: نزل مطر فأنعش المطر زروعنا- قد تستغني عن: أل" وعن كلمة: "مطر" الثانية، اكتفاء بالضمير المستتر في الفعل، الذي قد يغني عنهما، حيث تقول: نزل مطر فأنعش زروعنا. لهذا يقال النحاة: إن فائدة: "أل العهدية" التنبيه على أن مدلول ما دخلت هو مدلول النكرة السابقة، المماثلة لها في لفظها، الخالية من "أل" فلو قلنا: نزل مطر فأنعش مطر زروعنا، بتنكير كلمة، "مطر" في الحالتين لوقع في الوهم أن المراد من كلمة: "مطر" الثانية، مطر آخر غير الأول، مع أن المراد منهما واحد. ولذلك لا ينعت الاسم المعرف بأل العهدية؛ لأنه يشبه الضمير، وواقع مع "أل" موقعه كما سبق. وما قيل في كلمتي "مطر" يقال في كلمتي: "سيارة" وكلمتي، "رسول" ونظائرها....- راجع شرح التوضيح في هذا الموضع.
ولما كانت الثانية بمنزلة الضمير، والأولى بمنزلة مرجعه ساغ اعتبار الثانية معرفة، مع أن الأولى نكرة: كالشأن في مثل: جاء ضيف فأكرمه الوالد. فكلمة: "ضيف" نكرة، لا تدل على واحد معين، أما الضمير: "الهاء" فمعرفة تدل على معين، مرجعه النكرة، برغم أن معنى الضمير هو معنى مرجعه تمامًا، ولم يمنع لك أن يكون الضمير معرفة، ومرجعه نكرة، وذلك أن الضمير قد أوصلنا إلى شيء واحد مع أن هذا الشيء الواحد ينطبق على أفراد كثيرة، ومثل هذا يقال فيما دخلت عليه "أل" العهدية التي نحن بصددها، فإن الاسم الأول نكرة، فهي لا تدل على معين، أما الاسم الثاني الذي دخلت عليه فمعرفة؛ لأن معناها مراد به الاسم الأول، ومحصور فيه، برغم أنه نكرة تدل على أفراد متعددة. ويتصل بهذا ما يجيء في رقم٣ من هامش ص٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>