للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما العَلَم بالغلبة إذا كان مضافًا، فإن إضافته تلازمه ولا تفارقه في نداء، ولا في غيره: تقول في النداء: يا بنَ عمرَ قد أحسنت، ويا بنَ عباس قد أفدت الناس بفقهك، ويا بن مسعود قد حققت لنا كثيرًا من أحاديث الرسول ...

وإذا اقتضى الأمر إضافته١ ... فإنه يضاف مع بقائه الإضافة


وقد يصير علمًا بالغلبة ... مضاف أو مصحوب "أل" كالعقبة
وحذف "أل" ذي- إن تناد أو تضف ... أوجب، وفي غيرهما قد تنحذف
أي: قد يصير "المضاف" أو: "المعرف بأل "علمًا بالغلبة، لا بكونه علم شخص، ولا علم جنس. "وهذا نوع آخر من العلم يخالفهما، كما سبق أن أشرنا". حذف "أل" ذي "أي: هذه" واجب في حالتين: إذا نودي الاسم المبدوء بها، أو أضيف. وأشار بقوله: "وفي غيرهما قد تنحذف" إلى أن "أل" الدالة على العلم بالغلبة وردت محذوفة في غير الحالتين السابقتين: "النداء، والإضافة" فقد قال بعض العرب: هذا عيوق طالما. وهذا يوم اثنين مباركًا، بدلًا من "العيوق" علم على نجم خاص، والاثنين" علم على اليوم الأسبوعي المعروف. وهذا الحذف شاذ لا يصح القياس عليه.
١ أشرنا في باب العلم "رقم١ من هامش ص٢٩٤" إلى أن علم الشخص قد يكون متعددًا يشترك في التسمية به عدد كبير، فمثل: محمد، ومحمود، وصالح، وغيرهم من الأعلام الشخصية قد يسمى بكل منها عدة أفراد- ونقول هنا إن العلم بالغلبة قد يقع فيه ذلك، مثل ابن زيدون ... وابن خلدون ... وابن هانئ، والنابغة.... فإن كل واحد منها علم بالغلبة على شاعر معين، أو: عالم كبير.... وقد يشترك معه التسمية آخرون. وهذا الاشتراك والتعدد في الأعلام بنوعيها يجعلها غامضة الدلالة نوعًا، ويجعل تعيين المراد بها غير كامل، وفي هذه الحالة يجوز إضافة العلم إلى معرفة إن لم يمنع من الإضافة مانع، رغبة في الإيضاح وإزالة كل أثر للغموض والإبهام. فمن إضافة علم الشخص. ما ورد عن العرب من قولهم: جميل بثينة، وقيس ليلى، وعمر الخير، ومضر الحمراء، وربيعة الفرس، وأنمار الشاة، ويزيد سليم، وقول الشاعر:
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ... ليلاي منكن أم ليلى من البشر
وقول الآخر:
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم ... بأبيض ماضي الشفرتين يماني
ومن إضافة العلم بالغلبة قولهم: أهلًا بابن عمرنا. ومرحبا بابن عباسنا.
وقد أدخلوا "أل" قليلا على المضاف إليه في العلم المركب تركيبًا إضافيًّا، ومع قلته يجوز إذا قدرت فيه التنكير -كما سبق- لأن الأصل في المعارف ألا تضاف. قالوا: "يا ليت أم العمرو كانت بجانبي....." فالغرض من إضافة العلم. هو الإيضاح، "ويراد به إزالة الاشتراك اللفظي الناشئ من إطلاق العلم على أفراد كثيرة: بحيث لا يطلق بعد الإيضاح إلا على واحد في الغالب".
وقد سبق أن ألمحنا المسألة في رقم٣ من هامش ص١٢٧ ثم فصلنا الكلام عليها في رقم١ من هامش ٢٩٤. وبهذه المناسبة نعيد ما قلناه هناك من أن الإضافة إلى المعرفة تفيد الإيضاح على الوجه الذي شرحناه، "وهو: رفع الاحتمال والاشتراك في المعرفة....."، أما الإضافة إلى النكرة فإنها تفيد التخصص. ويراد به تقليل الاشتراك فقط، ولا تفيد إزالته ورفعه، فإذا قلت: "كتاب رجل" فإن الذي ينطبق عليه هذا المعنى أقل كثيرًا مما ينطبق عليه لفظ: كتاب، بغير إضافة "راجع ما سبق في تلك الصفحات".

<<  <  ج: ص:  >  >>