للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ب" وإن لم يتطابقا فإن كان الوصف مفردًا ومرفوعه مثنى أوجمعًا "مثل: أعالم المحمدان؟ أمحبوب المحمدون؟ " صح التركيب فى هذه الصورة الخالية من المطابقة، ووجب إعراب الوصف مبتدأ، وإعراب مرفوعه فاعلا أونائب فاعل على حسب حاجة الوصف - أغْنَى عن الخبر، ولا يجوز أن يكون مرفوعه مبتدأ لئلا يترتب على ذلك أن يكون المبتدأ مثنى أوجمعًا والخبر مفردًا؛ وهذا لا يجوز ويتساوى فى هذا الحكم أن يكون مرفوع الوصف اسمًا ظاهرًا، وضميرًا بارزًا١ ...

أما فى غير هذه الصورة فلا يصح التركيب؛ ويكون الأسلوب فاسدًا. فمن الصور الفاسدة: أن يكون الوصف مثنى والاسم المرفوع مفردًا؛ مثل: ما قائمان محمد، أويكون الوصف مثنى والاسم المرفوع جمعًا؛ نحو: أقائمان


= مثنى، أو مجموعا، والوصف عندهم إذا رفع اسما بعده، يكون بمنزلة الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع، فكذلك ما هو بمنزلته. ونقول هنا ما قلناه من قبل- في رقم ٢ من هامش ص ٤٤٨-، وهو أن أساس رأيهم التوهم، والتخيل، والقياس الجدلي، لا اليقين، ولا الظن القوي، أو ما يدانيه، ولا القياس الحقيقي على ما نطقت به العرب، ففيه ما فيه من تحكم لا داعي له، فقد تكلم العرب الفصحاء بمثل هذا الأسلوب كثيرا، ولم يقولوا لأحد إن الوصف مبتدأ أو غير مبتدأ، ولم يقولوا في المرفوع بعده إنه يجب أن يكون مبتدأ والوصف خبره ... لم يقولوا شيئا من ذلك ولم يتعرضوا للناحية الإعرابية. فكل حقهم وحق اللغة علينا ألا نخالف نهج هذا الأسلوب عند الصياغة كما ورد عنهم في تأدية معنى معين، وألا نخرج عن طريقتهم في تكوينه، وضبط مفرداته، ومعناه، أما ما عدا ذلك من الأسماء والتسميات والإعرابات- فلا شأن لهم به، وإنما هو شأن المعنيين بالدراسات اللغوية والنحوية في العصور المختلفة، وقد ترتب على رأي النحاة القدامي تعدد التقسيم في مطابقة الوصف، وكثرة الأحكام، فكان هناك التطابق في الإفراد، وله حكمان، وهناك التطابق في التثنية والجمع، ولكل حكمه. والرأي السمح الذي يرتضيه العقل أن التطابق في الإفراد كالتطابق في التثنية وفي الجمع، فما يجوز في حالة الإفراد يجوز في غيره عند التطابق، وبذلك ندخل التطابق كله في قسم واحد متقق في حكمه، ونستغنى عن التطابق في حالتي التثنية والجمع وعن حكمه المستقل. ولن يترتب على ذلك ضرر في طريقة صوغ الأسلوب، ولا في ضبط كلماتهه وحروفه، ولا في معناه، كما قلنا.
وفوق هذا فرأينا يساير بعض اللهجات الصحيحة التي تناقض حجة النحاة في قولهم: إن الفعل لا تلحقه علامة تثنيته ولاجمع، وأن ما يشبهه يسير على منواله، ذلك أن بعض القبائل العربية الفصيحة يخالف هذا، فليحق بالفعل علامة التثنية والجمع، وبلغتهم أخذ فريق كبير من النحاة. كما سيجيء في جـ ٢ باب: "الفاعل" وأحكامه ومنها: الحكم الرابع، م ٥٥ ص ٧١ فالرأي بتوحيد التطابق رأي فيه تيسير فوق مسايرته للعقل والنقل.
١ ومن أمثلة الضمير البارز قول الشاعر:
خليلي، ما واف بعهدي أنتما ... إذا لم تكونا لي على من أقاطع
فليس منن اللازم أن يكون مرفوع الوصف اسما ظاهرا. فقد يكون ضميرا مستترا أو بارزا، وقد يكون ضميرا متصلا مجرورا بحرف جر، "كالمثال الذي سبق في رقم ٢٢ من هامش ص ٤٤٥ و ٤ من هامش ص ٤٦٢."

<<  <  ج: ص:  >  >>