للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوتنكيرهما، بحيث يصلح كل منهما أن يكون مبتدأ؛ نحو: أخى شريكى - استاذى رائدى فى العلم - مكافح أمين جندى مجهول - أجملُ من حرير أجملُ من قطن ...

ففي هذه الأمثلة وأشباهها يجب تأخير الخبر؛ لأن تقديمه يوقع فى لَبْس؛ إذ لا توجد قرينة١ تُعَينه، وتميزه من المبتدأ؛ فيختلط المحكوم به بالمحكوم عليه؛ ويَفسد المعنى٢ تعاً لذلك. فإن وجدت قرينة معنوية أولفظية تدل على أن المتقدم هوالخبر وليس المبتدأ جاز التقديم٣؛ فمثال "المعنوية": أبى أخى فى الشفقة والحنان. ز. فكلمة: "أب" خبر مقدم؛ وليست مبتدأ؛ لأن المراد: أخى كأؤ ... أى: الحكم على الآخ بأنه كالأب فى الشفقة والحنان، ولا يُعْقَل العكس. فالمحكوم عليه هو: "الأخ"؛ فهوالمبتدأ، والمحكوم به هو: "


= وأما تقارب المعرفتين- وقد يسمى أحيانا: "تفاوتهما في الدرجة"، لما بينهما من اختلاف غير واسع - فمعناه أن يكونا من نوع واحد مع اختلافهما في درجة ذلك النوع، كضمير المتكلم مع ضمير المخاطب. أو ضمير المخاطب مع ضمير الغائب، أو أن يكونا من نوعين مختلفين ولكنهما متقاربان، كالعلم مع ضمير المخاطب، فإن العلم يقاربه، أو كالعلم الشخصي مع المعرف "بأل العهدية"، فإن المعرف بها يقاربه. وتقارب النكرتين معناه أن إحداهما مختصة والأخرى غير مختصة، فهي قريبة من أختها إلى حد ما "قد يسمى أيضا "تفاوتا"، لوجود اختلاف بينهما، وإن كان يسيرا".
١ كرونا أن القرينة هي العلامة التي تدل على المعنى المراد، وتوجه إليه، وتزيل عنه الغموض واللبس، فإن كانت لفظا سميت: "لفظية". وإن كانت غير لفظ سميت: "معنوية، أو: عقلية". وقد تقسم في مواضع أخرى إلى: "حسية"، وهي: التي تدرك بإحدى الحواس، فتشممل اللفظية، وإلى: "غير حسية، وهي التي تدرك بالعقل.... كما سيجيء في رقم ١ من هامش ص ٥٠٧.
٢ أوضحنا أول هذا الباب - رقم ٨ من هامش ص ٤٤٢ معنى المحكوم عليه، والمحكوم به، ولما كان الأغلب في الأول - وهو المبتدأ - أن يكون شيئا معلوما للسامع، وأن يكون الثاني - وهو الخبر- مجهولا له، وجب عن اللبس تأخير الثاني "أي: الخبر"، إذ لو تقدم وأعربناه ممبتدأ لا نقلب المحكوم به المجهول محكوما عليه معلوما. وصار المعلوم مجهولا، وجاء الحكم في الحالتين مخالفا للمراد، وهذا فساد معنوي، وفي الموضع السالف بيان شاف مفيد.
ولزيادة الإيضاح نسوق المثال الآتي، أن يعرف المخاطب شخصا مثل: "إبراهيم" بعينه واسمه، ولكنه لا يعرف أنه زميله في الدراسة، فتقول: إبراهيمم زميلك، جاعلا المبتدأ هو المعروف له، والخبر هو المجهول له، المحكوم به. وذلك شأن الخبر في الأغلب- كما قدمنا- أن يكون هو الشيء المجهول للمخاطب وأنه المحكوم به، فلا يصح أن تقول، زميلك إبراهيم، بغير قرينة تدل على تقديم الخبر. أما إذا عرف زميلا له، ولكنه لا يعرف اسمه، وأردت أن تعين له الاسم، فإنك تقول: زميلك إبراهيم. جاعلا المعلوم له هو المبتدأ. والمجهول له المحكوم به هو الخبر. فلو عكس الأمر في إحدى الصورتين لا نعكس المعنى، تبعا لذلك، واختلف المراد، بسبب الخروج على ذلك الأصل، ومخالفته.
٣ وإذا صح التقديم فهل يكون أحدهما أولى به من الآخر؟ الجواب في: "ب" من ص ٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>