عليه فى جواز تقديم المبتدأ على الخبر ليس التساوى أوالتقارب فى درجة التعريف والتنكير؛ وإنما المعول عليه وحده وهووجود قرينة تدل على أن هذا هوالمحكوم عليه، "أى: أنه المبتدأ"، وذلك هوالمحكوم به، أى: الخبر، على حسب المعنى؛ بحيث يتميز كل من الآخر، دون خلط أواشتباه. فمتى وجدت القرينة التى تمنع الخلط واللبس جاز تقديم أحدهما وتأخير الآخر على حسب الدواعى١. وإن لم توجد القرينة وجب تأخير الخبر حتماً من غير أن يكون للتساوى أوالتقارب دخل فى الحالتين. فلا بد من مراعاة حال السامعين من ناحية قدرتهم على إدراك أن هذا محكوم عليه فيكون مبتدأ، وأن ذاك محكوم به فيكون خبراً. فإذا وقع فى وهم المتكلم أن التمييز غير ممكن، وأن اللبس محتمل - وجب إزالته؛ إما بالقرينة التى تبعده وتبدده، وإما بالتزام الترتيب؛ فيتقدم المبتدأ ويتأخر الخبر؛ ليكون هذا التقدم دليلا على أنه المبتدأ، ووسيلة إلى تعينه؛ لموافقته للأصل الغالب فى المبتدأ.
١ إلا في الحالة التي أشرنا إليها في رقم ٨ من ص ٤٩٨ وهي حالة اسم الإشارة المقرون بكلمة "ها" التنبيه، مع معرفة أخرى، إذ يتعين أن يكون اسم الإشارة هو المبتدأ، لأن حرف التنبيه لا بد أن يتصدر- عند فريق من النحاة دون فريق، طبقا للبيان المفصل الذي في رقم ١ من هامش ص ٣٢٨ - إلا إن كانت المعرفة الأخرى ضميرا، ففي هذه الحالة يحسن أن يكون المبتدأ هو الذي تسبقه "ها" التنبيه، واسم الإشارة يجيء بعده خبرا، نحو،: "هأنذا". وقد يجوز مراعاة القاعدة العامة بتقديم الإشارة أيضا في هذه الصورة مع تأخير الضمير، نحو: هذا أنا، ولكن الأول أكثر في الأساليب الأدبية المعروفة. "انظر ص ٣٣٧".