للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك هوالحذف الجائز١، أما الواجب فللمبتدأ مواضع، وللخبر أخرى. وفيما يلى البيان:


١ ويمتنع حذف الجزأين معا أو أحدهما إذا وقعت جملتهما خبرا عن ضمير الشأن "وقد سبق تفصيل الكلام عليه في الضمائر- ص ٢٥٠ - نحو: قل هو الله أحد.
وأتى في البيقت الثاني بمثال لحذف المبتدأ هو أن يسأل سائل: كيف زيد؟ فيكون الجواب: "دنف" أي شديد المرض "فدنف" خبر المبتدأ الذي استغنى عنه فحذف، وأصل الجملة: زيد دنف.
وقد ردد في كلامه اسم: "زيد" على عادة قدامي النحاة في كثرة ترديدهه خلال أمثلتهم، هو: وعمرو، وبكر، وخالد.... حتى صار التمثيل بهذا الأسماء بغيضا اليوم، لا بتذاله، يتحاشاة - بحق- أهل البلاغة والمقدرة الفنية من المعاصرين.
وبهذة المناسبة نشير إلى أن كلمة: "كيف" أو: "كي" - كما ينطقها بعض العرب - هي في أكثر استعمالاتها: إما اسم مبني على الفتح، معناه الاستفهام عن حالة الشيء، "أي: السؤال عن هيئته الطارئة عليه، دون السؤال عن ذاته وحقيقته"، وإما اسم معرب، لا يدل على استفهام، وإنما يدل على الحالة المجردة، والهيئة المحضة، بأن يكون بمعنى: "الكيفية". وإما شرطية غير جازمة. فلها حالات ثلاث لا تكاد تخرج عنها. ولكل حالة أحكامها التي نوضحها فيما يلي:
١ فالاستفهامية لها الصدارة في جملتها. وهي مبنية على الفتح وجوبا في كل مواقعها المختلفة باختلاف الأساليب التي تحتويها. وضابط إعرابها أن ننظر إلى العامل بعدها، فإن كان محتاجا إليها باعتبارها جزءا أساسيا لا يستغنى عنه فإنها تعرب على حسب حاجته، فتكون خبر في مثل: كيف أنت؟ . لأن العامل الذي بعدها مبتدأ يحتاج للخبر، فهي الخبر له، مبنية على الفتح في محل رفع. وكذلك هي الخبر في مثل: كيف بك، وكيف به. - بالإيضاح الذي سبق رقم ٣ من هامش ص ٤٤٨ - وفي مثل: كيف كنت؟ تعرب خبرا "لكان"، مبنية على الفتح أيضا في محل نصب، لاحتياج "كان" لخبر منصوب، وفي مثل: كيف ظننت الضيف؟ تكون مبنية على الفتح في محل نصب، مفعولا ثانيا للفعل: "ظن" - وهو من الأفعال التي تحتاج لمفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر- فإن كان ما بعدها غير محتاج لها احتياجا أساسيا على الوجه السالف بقيت مبنية على الفتح أيضا. ولكن في محل نصب دائما، إما لأنها مفعول مطلق، نحو "الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل؟ " "فكيف" مفعول مطلق. والمعنى فعل ربك بأصحاب الفيل أي فعل ...
فهي في كل ما سبق اسم استفهام مبني على الفتح في محل رفع، أو نسب، على حسب حاجة العامل، ولا تكون في محل جر مع بقائها استفهامية إلا سماعا في بعض أمثلة نادرة لا يقاس عليها، منها قولهم: على كيف تبيع الأحمرين؟
ولسيبويه رأي آخر حسن في معنى "كيف" الاستفهامية، وفي إعرابها. وقد اضطرب النحاة في شرحه إلى أن تناوله "الخضري" في حاشيته، فأزال عنه الغموض والخفاء وكشف بشرحه السبب في استحسان صاحب "المغني" وتأييده لذلك الرأيب. وملخصه: أن معنى: "كيف" الاستفهامية عند سيبويسه شيء واحد، هو السؤال عن الحال والهيئة الطارئة على الأمر المسئول عنه، وأن من يقول: كيف

<<  <  ج: ص:  >  >>