أما السبب في تحويلها من نعت مفرد، في جملة إلى خبر مرفوع أو إلى مفعول به، وكلاهما في جملة جديدة مستقلة بنفسها، لا صلة في الإعراب بينها وبين سابقتها.... فسبب بلاغي، ذلك أنهم حين يرون أهمية الغرض من هذه الكلمة، وجلال معناها وأن هذا المعنى جدير بالتنويه، وتوجيه الأبصار والأسماع إليه، يحولونها عن سياقها المألوف، وإعرابها الطبيعي، يقطعها وجوبا من جملتها، إدخالها على تحقيق المراد أقوى واظهر من دلالة الكلمة المفردة. وقد يكون القصد من القطع تقوية التخصيص، إذا كان وقوعه بعد نكرة، نحو: مررت بأسد في قفصه زائر أو زائرا. أو: تقوية الإيضاح إذا كان وقوعه بعد معرفة، نحو: أصغيت لعلى الشاعر، فيكون الحذف فيهما جائزا. هذا، وليس من اللازم في النعت المنقطع أن يكون مجرورا قبل القطع تبعا للمنعوت، بل يجوز أن يكون مرفوعا في حالته الأولى، أو منصوبا، تبعا لذلك المنعوت. فإن كان المنعوت مرفوعا جاز في نعته المرفوع النصب على القطع، ولا يجوز الرفع، منعا للالتباس، لأنه إن رفع رفع فلن يعرف أنه مقطوع. وإن كان المنعوت منصوبا جاز قطع النعت إلى الرفع فقط ولا يجوز إلى النصب، منعا للالتباس كذلك. أما إذا كان المنعوت مجرورا فيجوز قطعه إلى الرفع، أو النصب، كما سبق، إذ لا ليس مع أحدهما. وقد قلنا: إن المنصوب بعد القطع لا يعرب نعتا، فقد دخل في جملة جديدة مستقلة بإعرابها، لأنها في الرأي الشائع جملة مستأنفة إنشائية "من نوع الإنشاء غير الطلبي". فلو ظهر الفعل المحذوف حذفا واجبا لأوهم أن الكلام خبري، وقد حمل على حذف الفعل وجوبا، حذف المبتدأ وجوبا أيضا ولا يجوز القطع إلا إذا كان المنعوت معرفة، أو نكرة خاصة. كما أن الفعل والمبتدأ يكون حذفهما واجبا مع النعت المقطوع الذي أصله للمدح أو الذم أو الترحم، فإن كان أصله لشيء غير ما ذكرنا فالحذف جائز لا واجب- كما تقدم، كما سيجيء في باب النعت، وقد سبقت إشارة لبعض هذا في رقم ١ من هامشي ٣٢٠ عند الكلام على بعض أحكام العلم. ١ في هذا الهامش، وفي ص ٥١٠.