أما إعراب هذا التركيب فموضع جدل عنيف يثير ادهش والأسف، لعدم جدواه. ويقول صاحب الهمع "جـ١ ص ١٠٥" إن مسألة الحال التي تسد مسد الخبر: "مسألة طويلة الذيول، كثيرة الخلاف، وقد أفردتها قديما بتأليف مستقل"، ثم عرض - كغيره - للقليل من تلك الآراء المختلفة فلم يزدنا بسردها ويجدل أصحابها إلا دهشا، وأسفا، بل استنكارا لطول الذيول، وكثرة الخلاف، والتأليف المستقل فيما لا غناء فيه. لنترك هذا لنقول إن الإعراب الذي ذكرناه هو أحد تلك الآراء المتعددة، والذين ارتضوه أكثر من غيرهم، ويوجبون أن يكون الظرف "إذ - أو: إذا" متعلق بمحذف هو الخبر الأصيل وأن هذا الظرف مضاف إلى جملة فعلية بعده، وهو والجملة محذوفان وجوبا: لدلالة الحال على ذلك المحذوف وسدها مسد الخبر، فلا حاجة لذكره معها. ولا يقبلون أن يكون الظرف بمتعلقه هو الخبر مع وجود الحال ولا يقبلون شيئا يكون هو الخبر، بل يحتمون أن تقوم الحال مقام الخبر المحذوف وتعني عن ذكره، زاعمين أنه لو كان في الجملة خبر أصيل، واقتصرت الحال على إعرابها حالا ليست قائمة مقام الخبر لترتب على هذا أن يفصل الخبر بين هذه الحال وعاملها المبتدأ المصدر، والفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي - وهو هنا الخبر، ممنوع عندهم، ويضمون إلى هذا أدلة جدلية وهمية نرى الخير في إهمالها، وفي إعراب الظرف المحذوف بمتعلقه هو الخبر مباشرة، أو الخبر لفظ آخر محذوف يناسب السياق وتدل عليه القرينة مع إعراب الحال المذكورة حالا أصيلة لا تسد مسد الخبر ولا غيره. وهذا رأي كثير من الكوفيين وبعض البصريين كالمبرد، فقد جاء في كتابه "الكامل" "جـ٢ ص ٧٨" حين قال الفرزدق لآخر: "حكمك مسمطا"- وهذه الجملة، كما يقول النحاة من الأمثلة التي وقعت فيها الحال سادة مسد الخبر سماعا، لأن هذه الحال صالحة لوقوعها خبرا- ما نصه: =