للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= هو: أن بعض المركبات استعملت استعمال كلمة مفردة، كالذي ورد في "صحيح البخاري" عن ابن عباس ونصه: "كان رسول الله يعالج التنزيل شدة إذا نزل عليه الوحي، وكان مما يحرك لسانه وشفتيه...." وقد أهمل ابن الأثير في كتابه: "النهاية" معنى قوله: "مما يحرك لسانه وشفتيه" وفسره عياض في كتابه: "المشارق" بأن معناه: "كثيرا ما يحرك به لسانه وشفتيه" وبعد أن فسره روى عن أحد الأئمة من شراح الحديث ما يأتي: "في مثل هذا كأنه يقول: هذا من شأنه ودأبه، فجعل" ما" كناية عن ذلك، ثم أدغم "النون" أهـ. وقال آخر: "إن معنى: "مما" هنا هو: "ربما" وهذا من معنى ما تقدم، لأن "ربما" تأتي للتكثير أيضا، وفي "مسلم"، في حديث: "النجوم أمنة السماء: "وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء" ثم قال: تكون "مما" هنا بمعنى: "ربما التي للتكثير، وقد تكون فيها زائدة" أهـ مسلم ثم قال الباحث المعاصر: ما نلخصه في المسائل الآتية:

١- شواهد هذا الاستعمال كثيرة في الحديث والشعر، منها - غير ما تقدم قول رافع في "البخاري" في باب "الحرث والزرع": "كنا نكري الأرض بالناحية، منها مسمى لسيد الأرض، قال فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض، ومما تصاب الأرض ويسلم ذلك ... ": ومنها قول ابن عباس الوارد في "صحيح مسلم" في كتاب: تعبير الرؤيا "إن رسول الله كان مما يقول لأصحابه: "من رأي منكم رؤيا فليقصها أعبر هاله" ومنها قول البراء بن عازب: "كنا إذا صلينا خلف رسول الله مما نحب أن نكون عن يمينه. " ومنها قول أبي حية النميري:

وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللسان من الفم

ثم قال الباحث: تعرض لهذا اللفظ "السيرافي" في شرح كتاب سيبويه. بما نصه عند قول سيبويه: "اعلم أنهم مما يحذفون الكلم وإن كان أصله في الكلام غير ذلك ... " اهـ. وهنا قال السيرافي: "أراد: ربما يحذفون.... وهو يستعمل هذه الكلمة كثيرا في كتابه. والعرب تقول: أنت مما تفعل كذا.... أي: ربما تفعل. وتقول العرب أيضا: "أنت مما أن تفعل. أي: أنت من الأمر أن تفعل، فتكون "ما" بمنزلة الأمر - أي: الشيء - و "أن تفعل" بمنزلة الفعل، أي: مصدر تقديره "فعل"، أي: بمنزلة هذا اللفظ - ويكون "أن تفعل"، في موضع رفع بالابتداء، وخبره: "مما" وتقديره: أنت فعلك كذا وكذا من الأمر الذي تفعله" أهـ كلام السيرافي كما نقله الباحث.

٢ من السيرافي أخذ ابن هاشم في كتابة: "المغني" عند الكلام على معاني: "من فقال عن العاشر من معانيها: "مرادفة "ربما" وذلك إذا اتصلت "بما" كما في قول الشاعر أبي حية النميري:

وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقي اللسان من الفم

قال السيرافي وفريق غيره من النحاة، وخرجوا عليه قول سيبويه: "واعلم أنهم مما يحذفون الكلم...." والظاهر أن "من" فيهما ابتدائية، و "ما" مصدرية، وأنهم جعلوا كأنهم خلقوا من الضرب مثل خلق الإنسان من عجل" اهـ.

ثم قال الباحث:

في كلامه هذا احتمال مخالفتهم في أن جعلوها بمنزلة: "ربما، " لأن: "ربما" لا تعيين للتكثير، واحتمال أنه فسر كلامهم بحمله على إرادة التكثير كما فسر آخرون.

وقد أشار ابن هشام- كبعض من سبقوه - إلى كيفية الحذف التي اعتورت هذا التركيب، وأبقت =

<<  <  ج: ص:  >  >>