للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ب" قسم يتصرف تصرفاً شِبْه كامل؛ فله الماضى، والمضارع، والأمر، والمصدر، واسم الفاعل، دون اسم المفعول وباقى المشتقات؛ فإنها لم ترد فى استعمال الفصحاء؛ وهوسبعة: "كان - أصبح - أضحى - أمسى - بات - ظل - صار" فمن أمثلة "كان" للماضى: كان الوفاء شيمةَ الحر، وللمضارع: يكون الكلامُ عنوانَ صاحبه، وللأمر: كونوا أنصار الله. وللمصدر قول العرب: كوْنك شريفاً مع الفقر خير من كونك دنيئاً مع الغنى. وقول الشاعر:

ببذلٍ وحلم سادَ فى قوْمهِ الفتى ... وكَوْنُكَ إيَّاهُ عليكَ يسيرُ

ولاسم الفاعل:

وما كلُّ من يبَدِى البشاشة كائناً ... أخاكَ إذَا لم تُلْفِه لكَ مُنْجدَا

وهكذا. وبقية الأفعال السبعة مثل "كان" فى هذا لتصرف الشبيه بالكامل والذى يسمونه أحياناً: "الكامل نسبيًّا".

"حـ" قسم يتصرف تصرفاً ناقصاً؛ وهوالأربعة المسبوقة بالنفى، أوشبهه "أى: زال - برح - فتئ - انفك" فهذه الأربعة ليس لها إلا الماضى، والمضارع، واسم الفاعل؛ مثل: لا زالت الأمطارُ موردَ الأنهار. ولا تزال الأنهارُ عمادَ الحياة. وليس النيل زائلاً١ عمادَ الزراعة فى بلادنا، ومن هذا قول الشاعر:

قضي الله يا أسماء أن لست زائلا ... أحبك، حتى يغمض العين مغمض٢


١ لو قلنا: ما زائل النيل عماد الزراعة في بلادنا فأين خبر المبتدأ الذي هو كلمة "زائل"؟ أيكون خبره الاسم والخبر معا أم أحدهم؟ الراجح - عند الصبان - أن خبره هو اسمه فقط، فتكون كلمة "النيل" اسم "زائل" وفي الوقت نفسه خبر له باعتباره مبتدأ ولا اعتراض بأن خبر المبتدأ لم يتمم الفائدة الأساسية، لأن عدم إتمامه الفائدة ناشيء من أمر عرضي هو نقصان المبتدأ.
فهذا نوع من المبتدأ الناسخ، يستغنى عن خبر المبتدأ، اكتفاء باسم الناسخ مع بقاء خبر الناسخ على حالة من الضبط الذي يستحقه باعتباره خبر الناسخ. "راجع الصبان في هذا الباب عند بيت ابن مالك: "وغير ماض مثله قد عملا...." وقد أشرنا لهذه الصورة في رقم ٢ من هامش ص ٤٤٤ وفي ٣ من هامش ص ٥٦٢.
٢ تقدم البيت في رقم ١ من هامش ص ١٦٥ لمناسبة هناك. وفيما سبق يقول ابن مالك:
وغير ماض مثله قد عملا ... إن كان غير الماض منه استعملا
أي: أن الفعل غير الماضي إن وجد واستعمل فإنه يعمل مثله، فغير الماضي يشمل المضارع والأمر وكذلك يشمل ما يوجد من المشتقات الأخرى.
هذا، ولا يصح في كلمة: "مثل" النصب على أنها حال من فاعل: "عمل" إلا للضرورة، أو على رأي ضعيف، لما يترتب على هذا من تقديم معمول الفعل المسبوق بالحرف: "قد" وهو ممنوع في القول الأصح - كما سبق في رقم ١ هامش ص ٥٢ نقلا عن الخضري -.

<<  <  ج: ص:  >  >>