للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان الفعل الناسخ هو: "ليس" "وهى معدودة من أدوات النفى١" فالحكم لا يتغير "من ناحية أن المنفى بها هوالخبر، وأنه إذا قصد إيجابه وبقاء نسبته إلى الاسم وضعنا قبله: "إلا"، وأنه إذا كان من الألفاظ التى لا تستعمل إلا فى كلام منفى لم يجز اقترانه بإلا". ومن الأمثلة: ليس الخطيب عاجزاً؛ فقد انصب النفى على "العجز" وزالت نسبته الراجعة إلى الخطيب. فإذا أردنا إبطال النفى عن الخبر، ومنع أثره فى معناه - أتينا قبله بكلمة: "إلا" فقلنا: ليس الخطيب إلا عاجزاً، لأنها تنقض النفى، وتوقف أثره؛ فيصير المراد معها هوالحكم على الخطيب بالعجز، وهوحكم يناقض السابق. أما فى مثل: ليس المريض يَعيج بالدواء، فلا يصح اقتران الخبر بإلا؛ فلا يقال: ليس المريض إلا يَعيج بالجواء. فشأن "ليس" كشأن "كان" المسبوقة بالنفى؛ حيث لا يصح أن يقال فيها: ما كان المريض إلا يعيج بالدواء؛ كما سبق.

فإن كان الفعل الناسخ هو: "زال" أوإحدى أخواتها الثلاث، "وكلها لا بد أن يسبقه٢ نفى، أوشبهه" - فخبرها مثبت غير منفى؛ لأن كل واحدة منها تفيد النفي وقبلها نفى، ونفى النفى إثبات؛ فمثل: ما زال المال قوة، فيه إثبات لاستمرار القوة للمال، وحكم موجَب بنسبتها إليه، يمتد من الماضى إلى وقت الكلام؛ فالنفى: فى كلمة: "زال" وأخواتها مسلوب ومنقوض بالنفى الذى قبلها مباشرة. والمعنى فى جملتها موجَب، وخبرها مثبت، كما قلنا - فلا يقترن بكلمة "إلا"؛ فلا يصح ما زال المال إلا قوة؛ فشأنه شأن خبر: "كان" الخالية من نفى قبلها؛ فكلا الخبرين موجَب "مثبت".

وإذا كان خبر الناسخ منفيًّا إما "بليس" غير الاستثنائية، وإما "بما"٣ على الوجه السالف٤ جاز أن يدخل عليه حرف الجر الزائد: "الباء" نحو: ليس الحِلْم ببلادة٥، وما كان الحليم ببليد يحتمل المهانة"، أى: ليس


١ تفصيل الكلام عليها في ص ٥٥٩.
٢ انظر رقم ٢ من هامش ص ٥٦٣.
٣ العاملة "الحجازية" باتفاق والمهملة تبعا للأرجح.
٤ ويتضمن الشروط التي سلفت، وهي: "أ" وجوب نفي الخبر مع بقاء هذا النفي، وعدم نقضه بإلا" فلا يصح: ما النهر إلا بعذب. ب- إن يكون اخبر صالحا للاستعمال في الكلام الموجب، غير مقصور على الكلام المنفي، فلا يصح: ما مثلك بأحد - حـ- ألا يكون الخبر واقعا في الاستثناء، فلا يصح: كرمت العلماء ليس بالأدعياء ... أولا يكون بالأدعياء.
٥ وتعرب كما يأتي: "الباء" حرف جر زائد. "بلادة" مجرورة بحرف الجر الزائد، وعلامة جرها الكسرة، في محل نصب، لأنها خبر "ليس" أيضا، فكلمة: "بلادة" مجرورة في اللفظ بحرف الجر الزائد، ومنصوبة محلا أو تقديرا، لأنها خبر أيضا. والجار الزائد مع مجروره لا يتعلقان بشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>