للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سفري، وأنه يبتدئ من القاهرة. فكأني أقول: سافرت، وكانت نقطة البدء فى السفر هي: "القاهرة"، فكلمة: "منْ" أفادت الآن معنى جديدًا ظهر على غيرها مما يليها مباشرة١ ما بعدها وهذا المعنى هو: "الابتداء"، لم يُفهم ولم يُحددْ إلا بوضعها فى جملة؛ فلهذه الجملة الفضل فى إظهار معنى: "مِنْ".

ولو قلت: سافرت من القاهرة "إلى" العراق -لصار معنى هذه الجملة: الإخبار بسفرى الذى ابتداؤه القاهرة، ونهايته العراق. فكلمة: "إلى" أفادت معنى ظهر هنا على ما بعدها؛ وهذا المعنى هو "الانتهاء". ولم يظهر وهى منفردة، وإنما ظهر بعد وضعها فى جملة؛ كانت السبب فى إظهاره، كما كانت الجملة سببا في إظهار معنى الابتداء المستفاد من كلمة: "من" والذي ظهر على ما بعدها مباشرة.


= زائدة، وإن كانت مفيدة لمعنى، وهو المضي والانقطاع فعلم أنهم قد يريدون بالزائد المعترض بين شيئين متطالبين، وإن لم يصح المعنى بإسقاطه، كما في مسألة: "لا" في نحو: غضبت من لا شيء، كذلك إذا كان يفوت بفواته معنى، كما في مسألة: "كان"، و"كذلك" "لا" المقترنة بالعاطف في نحو: ما جاءني محمد ولا على، ويسمونها: "الزائدة" وليست بزائدة ألبتة، ألا ترى أنه إذا قيل: ما جاءني محمد وعلى ... ، احتمل أن المراد نفي مجيء كل منهما على كل حال، وأن يراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء، فإذا جيء بكلمة: "لا" صار الكلام نصا في المعنى الأول. نعم هي في قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} لمجرد التأكيد، وكذا إذا قيل: لا يستوي حامد ولا محمود"" أهـ كلام المعنى.
أي: لأن اللبس غير محتمل في المثالين الأخيرين مطلقا. ولهذا إيضاح في حـ ٣ م ١١٨ ص ٥٤٩ باب: العطف، عند الكلام على ما انفردت به واو العطف.
وجاء في شرح المفصل "جـ ٧ ص ١٥٠" عند الكلام على: "كان" الزائدة، أن معنى زيادتها هو: "إلغاؤها عن العمل مع إرادة معناها، وهو الدلالة على الزمان، وذلك نحو قولك: ما كان أحسن زيدا، إذا أريدان الحسن كان فيما مضى. فـ "ما" مبتدأ على ما كانت عليه، و "أحسن زيدا" الخبر - و "كان" ملغاة عن العمل، مفيدة للزمان الماضي، كما تقول: من كان ضرب زيدا- تريد: من ضرب زيدا- ومن كان يكلمك، تريد: من يكلمك. فكان تدخل في هذه المواضع وإن ألغيت من الإعراب فمعناها باق. وهي هنا نظيرة: "ظننت" إذا ألغيت، فإنه يبطل عملها ومعنى الظن باق، ذلك أن الزيادة على ضربين، زيادة مبطلة العمل مع بقاء المعنى الزمني، كما سبق وزيادة لا يراد بها أكثر من التأكيد في المعنى، وإن كان العمل باقيا، نحو: ما جاءني من أحد. ومثله قوله: بحسبك محمد، المراد: حسبك، ومثل: "وكفي بالله شهيدا"، والمراد كفى الله...." أهـ.
وستجيء إشارة موضحة لهذا في ص ٧٠ وفي باب "كان وأخواتها" ص ٥٧٩ والواجب ترك استعمال "كان" الزائدة إذا أوقعت في لبس.
١ انظر الإيضاح في: "أ" من الزيادة والتفصيل، ص ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>