للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) المبتدأ الملازم للابتداء بسبب غيره؛ كالاسم الواقع بعد "لولا"؛ الامتناعية، أو بعد "إذا" الفجائية؛ فإنه لا يكون إلا مبتدأ؛ إذ لا يصح -في الرأي الأشهر- دخول أحدهما على غير المبتدأ؛ نحو: لولا العقوبةُ لزادت الجرائم. ونحو؛ فتحت الكتاب؛ فإذا الصّوَرُ فاتنة.

(ج) المبتدأ الذي يجب حذفه بشرط أن يكون أصلُ خَبَرِه نعتاً مقطوعاً (١) نحو: شكراً للمتعلم، النافعُ العزيزُ (أي: هو النافعُ العزيزُ) .

(د) كلمات معينة لم ترد عن العرب إلا مبتدأ. ومنها: "ما" التعجبية، وكلمة: "طُوبى"؛ (بمعنى: الجنة) وكلمة: دَرّ (٢) ، وكلمة: أقلّ ...

وذلك في نحو: ما أجملَ الهواء سَحَراً!!، وما أطيب الرياضة عصراً!! طوبى للشهداء، ولله دَرُّهم (٢) !! وأقَلُّ (٣) رجل يُسْكِر فضلهم.


=تقديمه، كوجود "ما النافية" قبل الناسخ، أو غيرها من الموانع التي ذكرناها في أحوال خبر "كان" (ج١ ص٤٢٠ م٤٣) ، مثل: أين كنت؟ وأين ظننت الكتاب؟ أما خبر "إن" وأخواتها فلا يتقدم عليها -كما سبق في باباها ج١- وقد قلنا إن الخبر هنا لا يكون جملة إنشائية برغم ورود صور منها مسموعة، نقل النحاة واحدة منها ثقيلة في نطقها، ولا أدري لماذا تخيروها دون غيرها مع ما فيها من ثقل وإن كانت صادقة المعنى؟ هي قولهم: "رأيت الناس، أخْبُرْ تَقْلَِهُ". أي: اختبر كل واحد منهم تبغضه وتكرهه؛ لما تكشفه من عيوبه. فهذا -وأمثاله- على إضمار قول مقدر؛ أي: رأيت الناس مقولا فيهم: اختبر كل واحد منهم تبغضه وتكرهه. ويرى كثير من النحاة عدم القياس على هذا. والحق أن القياس عليه جائز بشرط وجود قرينة كاشفة تمنع الغموض؛ وتهدي للمقصود؛ لأن هذا هو الموافق للأصول اللغوية العامة. وفيه تيسير وتوسيع في ميدان الكلام والتعبير بغير ضرر، كما يتبين هذا من الباب الخاص بأحكام "الحكاية".
(١) سبق تفصيل الكلام على النعت المقطوع في الجزء الأول ص٣٧٥ م٣٩. وله تفصيل أشمل في باب النعت ج٣ ص٣٥٧ م١١٥.
(٢ و٢) الدر: اللبن. "ولله در البطل" ... أسلوب يتقدم فيه الخب وجوباً، (لأن العرب التزمت فيه التقديم) ويقصد به المدح والتعجب من بطولته، معاً ... والسبب: هو ما يدعيه القائل من أن اللبن الذي ارتضعه البطل في صغره، ونشأ عليه، وترعرع -لم يكن لبناً عادياً كالمألوف لنا، وإنما هو لبن خاص أعده الله لهذا البطل في طفولته؛ لينشأ نشأة ممتازة، ويشب عظيماً. فنسب اللبن لله -ادعاه- ليكون من وراء ذلك إظهار الممدوح في صفات تفوق صفات البشر، وكأنه ليس منهم، فهو أسمى وأرقى، للعناية الإلهية التي خصته برعايتها.
(راجع رقم١ من هامش ص٤٢٤ و"ج" من ص٤٢٧" من هذا الجزء، وص٥٠٤ ج١ م٣٨ من الطبعة الرابعة) .
(٣) أي: قَلّ رجل يقول ذلك، بمعنى: صغُر وحقُر. (راجع ج١ ص٣٢٨ م٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>