للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقول: ظننت ثعلباً القِطّ البَرّيّ؛ إذ لا مانع يمنع تقديم أحدهما على الآخر ... وهكذا تجب مراعاة الأحكام الخاصة بالترتيب بين المبتدأ والخبر، وتطبيقها هنا، عند النظر في الترتيب بين المفعولين (١) .

***

ما تنفرد به الأفعال القلبية الناسخة، هي وما يعمل عملها:

تنفرد النواسخ القلبية بخمسة أحكام، منها حكم واحد مشترك بينها جميعاً، سواء أكانت متصرفة أم جامدة، وهذا الحكم

هو: تنوّع مفعولها الثاني. أما الأحكام الأربعة الأخرى فمقصورة على النواسخ القلبية المتصرفة، دون الجامدة، وسيجيء لهذه الأربعة بحث مستقل (٢) .

(١) فأما تنوع المفعول الثاني الذي أشرنا إليه فلأنه إليه فلأنه خبر في الأصل، فهو ينقسم إني مثل ما ينقسم إليه الخبر؛ من مفرد (ة٣) ، وجملة (٤) ، وشبه جملة (٥) ؛ فليس من اللازم في المفعول الثاني أن يكون مفرداً، وإنما اللازم أن يكون الناسخ قلبيّاً متصرفاً أو غير متصرف (٦) ؛ كما في الأمثلة الآتية، ومن المهم التنبه لإعراب كل قسم، ولا سيما الجملة وشبهها.


(١) ستجيء إشارة موجزة لهذا الترتيب في ٢١٧٦ م٧٢.
(٢) في ص٢٦ المسألة: ٦١.
(٣) المراد بالمفرد هنا وفي الخبر: ما ليس جملة ولا شبهها.
(٤) بشرط ألا تكون إنشائية.. لأن الإنشائية لا تصلح هنا (انظر رقم ٣ من هامش ص٢١) .
(٥) طبقاً لما جاء في بعض المراجع الوثيقة وتؤيده النصوص الفصيحة التي تكفي لإباحة القياس عليه.
(٦) قد سبقت أمثلة المفرد. ومثال الجملة الاسمية قول الشاعر:
حَذَارِ، حذارِ من جَشعٍ؛ فإِني ... رأَيت الناس أَجشعُها اللئامُ
ومثال الجملة الفعلية المضارعية قول الشاعر:
فَهبْك عدوى لا صديقي فربما ... رأيت الأَعادِي يرحمون الأَعاديا
ومثال الماضوية:
وإني رأيت الشمس زادت محبةً ... إلى الناس أَن ليست عليهم بسرمد
فكل واحدة من الجمل (أجشعها اللئام - يرحمون - زادت محبة) . سدت مسد المفعول الثاني الذي يحتاج إليه الفعل الناسخ. ومثال شبه الجملة -قول بعضهم: رأيت قدرة الله في كل شيء، وألفيت سلطانه فوق كل سلطان. وقول الشاعر يفتخر:
إني -إذا خفى الرجال- وجدتني ... كالشمس؛ لا تخفى بكل مكان
فشبه الجملة (الجار مع مجروره، أو الظرف) سد مسد الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>