أَرجو وآملُ أن تدْنو مودتها ... وما إِخالُ لدينا منكِ تنويلُ فالفعل: "إخال" قد ألغى؛ فلم ينصب المفعولين: "لدى" و"تنويل" مع أنه مقدم عليها، ومع تقدمه فكلمة "لدى" ظرف، خبر متقدم، وكلمة: "تنويل" مبتدأ مؤخر. أي: أنه لم ينصبهما؛ بدليل رفع الثانية. فما السبب في الإلغاء؟ لا سبب. لهذا ينتحلون ما يجعل الأسلوب صحيحاً. فيتخيلون وجود "ضمير شأن" مستتر بعد الفعل: "إخال"؛ فالتقدير: "إخاله. فيكون ضمير الشأن المستتر هو المفعول به الأول، وتكون الجملة الاسمية بعده: (لدينا تنويل) في محل نصب، تسد مسد المفعول الثاني، إذ يصح في الأفعال القلبية -كما سبق، في "أ" ص٢٤- أن يكون مفعولها الثاني جملة أو غيرها. وبهذا التأويل الخيالي لا يوجد في الكلام ناسخ متقدم لم يعمل. أي: لا يوجد في الكلام إلغاء، ولا مخالفة للقاعدة التي توجب عمل الناسخ المتقدم..، فلم هذا؟ ما فائدته؟ إن واقع الأمر صريح في مخالفة التعبير للقاعدة. والسبب هو الضرورة الشعرية، أو المسايرة للغة ضعيفة، أو ما إلى ذلك مما يخالف اللغة الشائعة في البيان الرفيع الذي يدعونا لهجر تلك التأويلات، والفرار منها؛ حرصاً على سلامة اللغة، وإيثاراً للراحة من غير ضرر، والاقتصار في القياس على ما لا ضعف فيه، ولا شذوذ، ولا تأويل ... ومن الأمثلة أيضاً قول الشاعر: كذاك أُدِّبتُ حتى صار من خُلُقي ... أَني وجدتُ مِلاكُ الشيمة الأَدبُ=