للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفعل أما غير الثلاثي، فلا تدخل عليه هذه الهمزة.

ولا يكاد يوجد خلاف هام في أن التعدية بهمزة النقل على الوجه السالف قياسية في الثلاثي اللازم، وفي الثلاثي المتعدي بأصله لواحد١، إنما الخلاف في الثلاثي المتعدي بأصله لاثنين؛ أتكون تعديته بهمزة النقل مقصورة على فعلين من الأفعال القلبية؛ هما: علم -ورأى ٢- دون غيرهما من باقي الأفعال القلبية التي تنصب مفعولين، والتي سبق الكلام عليها٣ -أم ليست مقصورة على الفعلين المذكورين؛ فتشملهما، وتشمل أخواتهما القلبية التي مرت في الباب السالف؟

رأيان: وتميل إلى أولهما جمهرة النحاة، فتقصر التعدية على الفعلين المعينين "علم" و"رأى" ولا تبيح قياس شيء عليهما من أفعال اليقين، والرجحان وغيرهما، فلا يصح عندها أن تقول: أظننت الرجل السيارة قادمة، وأحسبته السفر فيها مريحًا، في حين يصح هذا عند بعض آخر يبيح القياس على الفعلين السالفين، ولا يرى وجهًا للتفرقة بينهما وبين نظائرهما من أفعال اليقين والرجحان التي تنصب مفعولين بحسب أصلها٤.

سواء أخذنا برأي الجمهرة أم بالرأي الآخر، فالفعل القلبي الناصب للمفعولين بحسب أصله، وبحسب رأي كل منهما في نوعه٥ ... سينصب ثلاثة بعد دخول


١ راجع الأشموني والصبان -ج١ أول باب: "تعدي الفعل ولزومه".
٢ سواء أكانت علمية كالأمثلة المذكورة، أم حلمية؛ وهي التي مصدرها "الرؤيا" المنامية، كقوله تعالى:
{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ ... } .
٣ في ص٥، ثم راجع رقم٢ من ص ١٦٥ ورقم ١ من هامشها.
٤ وهذا رأي حسن اليوم؛ فإنه مع خلوه من التشدد والتضييق، يساير الأصول اللغوية العامة، ويلائم التعبير الموجز المطلوب في بعض الأحيان، فتقول: أظننت الرجل السيارة قادمة؛ بدلًا من جعلت الرجل يظن السيارة قادمة، إذ من الدواعي البلاغية، والاستعمالات اللازمة في العلوم الحديثة ما قد يجعل له التفضيل، فمن الخير إباحة الرأيين، وترك الاختيار للمتكلم يراعى فيه الملابسات.
٥ من ناحية أنه محصور في الفعلين السالفين دون غيرهما من أفعال القلوب، أو غير محصور فيهما، وإنما يشمل كل أفعال القلوب التي سبق شرحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>