للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمثال الاسم، صريحًا، أو مؤولًا: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} ، {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} ١، "شاع أن البغي وخيم العاقبة"، "اشتهر أن تنتقل العدوى من المريض للسليم".

ومثال ما يشبه الفعل: أواقف على الشجرة عصفورة - ما فرج أعداؤنا بوحدتنا وقوتنا، فكلمة: "عصفورة" فاعل للوصف؛ "وهو" واقف، اسم الفاعل" وكلمة: "أعداؤنا" فاعل للوصف: "فرح - الصفة المشبهة".

ومن أمثلة الفاعل الذي قام به الفعل أيضًا: اتسعت ميادين العمل في بلادنا، وتنوعت أسبابه؛ فلن يضيق الرزق بطالبيه ما داموا جادين.


= إن الفرق اللفظي بين الفاعل والمفعول به معروف للنحاة؛ فالفاعل مرفوع، والمفعول به منصوب، وهذا الفرق اللفظي يستتبع عندهم فرقا اصطلاحيًا في معنى كل جملة، يوضحه ما يأتي:
"تحرك الشجر"، كلمة: "الشجر" تعرب فاعلا نحويًا، لكن هذا الإعراب لا يوافق المعنى اللغوي الواقعي لكلمة: "فاعل"، وهو: "من أوجد الفعل حقيقة، وباشر بنفسه إبرازه في الوجود"؛ لأن الشجر لم يفعل شيئًا؛ إذ لا دخل له في إيجاد هذا التحرك، ولا في خلقه، وجعله حقيقة واقعة بعد أن لم تكن، فليس للشجر عمل إيجابي -مطلقا- في إحداث التحرك، وكل علاقته به أنه استجاب له، وتفاعل معه؛ فقامت الحركة به؛ وخالطته، ولابسته، من غير أن يكون له اختيار أو دخل في إيجادها، كما سبق، فأين الفاعل الحقيقي الذي أوجد التحرك من العدم، وكان السبب الحقيقي في إبرازه للوجود؟
ليس في الجملة ما يدل عليه، أو على شيء ينوب عنه، فإذا قلنا: حرك الهواء الشجر -تغير الأمر؛ فظهر الفاعل الحقيقي المنشئ للتحرك، وبان الموجد له، الذي أوقع أثره على المفعول به.
مثال آخر: تمزقت الورقة، تعرب كلمة: "الورقة" فاعلًا نحويًا، وهذا الإعراب لا يوافق ولا يساير المعنى اللغوي لكلمة؛ "فاعل"، ولا يوافق الأمر الواقع؛ لأن الورقة في الحقيقة لم تفعل شيئًا؛ فلم تمزق نفسها، ولا دخل لها في تمزقها، ولا تشترك فيه بعمل إيجابي يحدثه؛ ولكنها تأثرت به حين أصابها، فأين الفاعل الحقيقي -لا النحوي- الذي أوجد التمزق، وجعله حقيقة قائمة بالورق؟ لا وجود له في الجملة، ولا دليل يدل عليه أو على شيء ينوب عنه، لكن إذا قلنا: مزق الطفل الورقة -ظهر الفاعل الحقيقي، واتضح من أوجد الفعل بمعناه اللغوي الدقيق.
ومما سبق يتبين الفرق المعنوي بينهما، وأنه ينحصر في:
أ- أن الفاعل النحوي -على الوجه السالف- ليس هو الفاعل الحقيقي، وإنما هو المتأثر بالفعل، وليس في الجملة ما يدل على ذلك الفاعل الحقيقي، أو على شيء ينوب عنه.
ب- وأن المفعول به ليس فاعلًا نحويًا ولا حقيقيًا، وإنما هو المتأثر بالفعل، أيضًا، ولكن مع اشتمال جملته على الفاعل الحقيقي، أو ما ينوب عنه.
١ المراد بالاسم الصريح هنا: ما يشمل الضمير، كما في الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>